من نعم الله في هذه البلاد أن يكون سائق التاكسي الذي تستأجره طريفا. يخفف عليك عناء ازدحام الطرق. ينسيك ويسليك. وكان حظي قاعدا أمس مع سائق طريف. وقد شجعني مرحه وانطلاقه على ان اسأله عن رؤيته للفرق بين عراق صدام والعراق الحالي، فرد علي بسؤال: هل سمعت بـ "ديك أبو محمد"؟
- لا. شنو قصته؟
* ديك ابو محمد لم يبق أحدا في "السلف" سالما من أذاه: ملاحق المار، سالب راحة النايم، صارخ على هذا، ناقر ذاك، عاض هذي،. لم ينج منه ذكر ولا أنثى، ولا صغير أو كبير. ولما كثر أذاه وزاد عن الحد اجتمع وجهاء السلف وقرروا الذهاب الى "أبو محمد" ليجد لهم حلا مع ديكه بعد أن صاحت الوادم منه.
قال لهم بسيطة ودعاهم الى العشاء في اليوم التالي. ذبح الديك وقدمه لهم طعاما في عشاء اليوم التالي. راضين؟ نعم والنعم منك أبو محمد؟ وانفض السامر على خير.
لكن "أبو محمد" كان قد تأبط شرا. فقد اشترى بعد أيام 160 ديكا وأطلقهم على السلف. فاذا بالمصيبة الواحدة تفرِّخ العشرات. انهم لم يحتملوا الواحدة فكيف لهم أن يصبروا على كل هذا العدد المطلق السراح من الديكة؟
عادوا اليه وراجعوه. يا أبو محمد شنو السالفة؟ كنا بواحدة وصرنا بـ 160؟ دخيلك خلِّصنا! فقال لهم ان الديك المقتول المأكول كان "مسكِّت" كل هؤلاء. فما حيلتي الآن وقد قضى نحبه؟ يا اخوان ليس لدينا سوى احتمال البلوى والصبر عليها والله يحب الصابرين.
هذا هو الفرق من وجهة نظر صاحبنا الطريف بين الأمس واليوم. كان هناك مصدر واحد للأذى في الأمس، وقد تعددت مصادره اليوم، كان هناك سياسي واحد بيده الحل والربط، وأصبحت لدينا اليوم "طبقة سياسية" تؤذي من دون أن تكون لديها القدرة على مسك زمام الأمور، أو تملك الحل والربط. "فالتة عمي"!
- لكن يا رجل 160 مو أحسن من واحد؟ الواحد كان موحدا ضدنا. لكن هؤلاء لا يمكن أن يتفقوا ويتوحوا جميعا علينا أو ضدنا. فهم مختلفون وإن يكن بينهم شبه في القسوة والسرقة؟ والحكمة الخالدة للرسول العظيم تقول ان "اختلاف أمتي رحمة".
*اي نعم. وياك عمي. على الأقل هسه نقدر نروي سالفة "ديك أبو محمد". من كان يستطيع أن يفك حلقه أيام صدام. لكن الناس لا تعيش بالكلام، وانما بالأمان والغذاء والدواء والكهرباء. مو كلشي ماكو وفوقاها مهدودين علينا!
- حقك. لكنهم قد يشبعون ويتعلمون ويهدأون ويستعدلون. المهم أن لا أحد يستطيع اليوم أن يحولنا الى دجاج. "ديك أبو محمد" كان مسوي "السلف "كله دجاج. اليوم الناس تحكي وتحتج وتتظاهر. وعندك هنا مركز قوة. وهناك مركز قوة آخر، وهكذا.
- يعني فكرك ميصير عدنا بعد "ديك أبو محمد"؟
* المحاولة جارية وحامية ومسعورة. الكرسي يسطل الراس ويديره غالبا صوب الحلم بموقع "ديك ابو محمد". ولكن هيهات أن يعود أهل السلف الى قن الدجاج. ذاك زمان وانقبر. وإذا كففت عن أن تحلم بعودته، وأنا فعلت، والآخرون مثلنا، من اين يمكن أن يعود؟ نحن رغم كل بؤسنا يمكن ان نكون أصحاب قرار.
التفت نحوي وتبسم. سألته: كم ولدا لديك؟ قال: 11.
* يعني فريق كرة قدم؟
- وآني الطوبة!
* معناها أيضا "ديوكة". الله يحفظهم ويوفقهم ويقويهم على شر أنفسهم!