الاتهامات الموجهة للمتظاهرين والصادرة عن مسؤولين أو مقربين من أصحاب القرار بان المحتجين يتلقون مبالغ بالعملة الصعبة الدولار مقابل مواصلة الاعتصام، ورفع شعارات ضد الحكومة، جعلت العاطلين عن العمل، و"العتاكة" والمنتظرين في المساطر يبدون استعدادهم للانضمام للمتظاهرين في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى، ورفع شعاراتهم، مقابل الحصول على 100 دولار في اليوم الواحد، وثلاث وجبات من الطعام، أصحاب هذا الاتهام لم يلتفتوا إلى هذه المسألة لأنهم، بإطلالتهم اليومية على شاشات الفضائيات وفروا دعاية مجانية لحث العاطلين عن العمل على التوجه لساحات الاعتصام، للحصول على أموال من" دول الجوار" تعينهم على ترميم منازلهم المتضررة من الأمطار الأخيرة في العاصمة، وتنفيذ مشاريع مؤجلة كالاقتران ببنت الحلال أو شراء سيارة سايبا بالتقسيط المريح، او الحصول على "ستوتة نص عمر" لنقل اللبن والكيمر من الفضيلية إلى أسواق العاصمة، ولا سيما أن السوق العراقية ستعاني جراء غلق المنافذ الحدودية الغربية شح المواد الغذائية المستوردة من سوريا والأردن.
المشرفون على تنظيم التظاهرات لهم تصريحاتهم أيضا في نفي دعمهم من دول الجوار بالأموال لغرض توزيعها بين المتظاهرين، مؤكدين أن شخصيات عشائرية واخرى سياسية، تتولى مهمة توفير الدعم اللوجستي لمواصلة التظاهر، وما يقال عن الحصول على أموال سعودية وقطرية وتركية محض أكاذيب لان تلك الدول بنظرهم ليست "برمكية" مثل العراق في منح أموال للأشقاء والأصدقاء، وعلى اصحاب الاتهام التوجه إلى الحكومة بوصفها تمتلك الكثير من الوسائل والسبل لإثبات اتهاماتهم .
مخاوف العراقيين من تداعيات الأزمة واحتمالات وصول البلاد إلى منزلق خطر، لم تبددها الاتهامات المتبادلة، فطيلة السنوات الماضية، شهدت الساحة السياسية صراعا على السلطة، انتقل إلى الشارع، ومحاولات احتواء الأزمة دخلت في إطار تشكيل اللجان، بمعنى صعوبة التوصل إلى إيجاد الحلول في اقرب وقت ممكن، وما يثير القلق أن الأطراف المتصارعة تمتلك فضائيات خصصت ساعات بثها لتوجيه الشتائم، وتكريس حقيقة وصول المال الإقليمي إلى الأنبار، وفي ضوء ذلك، وعلى قاعدة أن العاطلين عن العمل يبحثون عن أية فرصة للحصول على أجرهم اليومي سيتوجهون إلى من يدفع المال، وهؤلاء سبق لهم أن شاركوا في تظاهرات وتجمعات مؤيدة لمسؤول وعدهم بالحصول على وظيفة حكومية، ولكن آمالهم باءت بالفشل عندما قرر صاحبهم السكن في المنطقة الخضراء، وضربهم بوري.
في زمن الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم ومع تفاقم الصراع بين قوى سياسية عراقية كان احد الأطراف يمنح بطل كوكا كولا وكعك أبو السمسم لكل مشارك في تظاهراته، أما الطرف الآخر، فكان يوصي مؤيديه بالابتعاد عن رجال الأمن وتفادي ضربات التواثي، سواء من الشرطة السرية أو من المتظاهرين الآخرين، وكانت نتيجة الصراع الإطاحة بالزعيم وتولي حزب الكوكا كولا السلطة، والله اكبر فوق كيد المعتدي.