لم يبق عراقي واحد عقب انتهاء لقاء منتخبنا الوطني شقيقه البحريني لم يقل أن كأس الخليج تعشق الأسود وتود خاطرهم الذي تكدّر في أكثر من دورة مُنعوا من المشاركة فيها لأسباب جلها سياسية اعقبت نيلهم اللقب الثالث في الدورة التاسعة (السعودية 88 ) لتأتي الجمعة المباركة غداً بالبشرى الموعودة ويكملوا مسيرات الفرح التي انطلقت من شمال الوطن الى جنوبه احتفاءً بالانجاز الخليجي.
كانت ملحمة المنامة خالصة بالوان الغيرة والفدائية والهجوم الفعّال لكتيبة حكيم شاكر المدرب المحظوظ ليس بنتائج مبارياته الأربع ، بل بانسجام اللاعبين حوله واستجابتهم لافكاره وتمركزهم التكتيكي حيثما رسم خطوط تحركاتهم ، وهي من محاسن العمل الجاد والمثابرة الفنية في تكوين منتخب متجدد وحيوي لن تنتهي طموحاته مهما واجهته المصاعب والمتغيرات، فالهدف اصبح أقرب ولا مجال لإضاعته بتهور وعجالة!
ان الأداء العام لمنتخبنا استقرّ منذ لقاء الكويت حيث بسط اسلوبه وتفنن في التبادل الهجومي باسلوب مفاجىء عبر اناطة همام طارق وسيف سلمان بقيادة علي رحيمة واجبات محورية تخضع لتنظيم اللعب وسط الميدان مع التزام بقية اللاعبين بمراكزهم إلا في الحالات الضرورية كالتي دفعت شاكر لاخراج نبيل صباح وادخال خلدون ابراهيم بالرغم من عُقم أداء الاخير واضاعته فرصة الحسم قبل انتهاء المباراة بدقيقتين.
ويكاد يشعر بالندم كل من رمى المنديل لكابتن منتخبنا يونس محمود مطالباً إياه بالاعتزال قبل انطلاق الدورة أو الاعتكاف في دوري النجوم بقطر، فالرجل لم يكن سفاحاً في قسوته على حراس المرمى فحسب ، بل عملاقاً بشخصيته وقوته واصراره على الانتصار الذاتي كمواطن عراقي على ما واجهه من جفاء وظلم شديدين من الملاك التدريبي السابق، فكان مشهد "الالتحام الانساني" مع عبد الله المرزوقي صاحب البنية الجسمانية الكبيرة والخبرة الدفاعية المتميزة معبّراً عن استعادة السفاح المقدرة على تسجيل اصعب الاهداف وكأنه باللحظة ذاتها يُعارك نفسه حتى صالحها وأسعدها برؤية الكرة تشاطره الضحك في شباك جعفر.
وياله من حارس عجيب ، فقد راح نور صبري يضرب صدره بقوة امام زملائه يتعهد لهم أنه مسؤول عن إحياء أملهم في ركلات الترجيح القاتلة، ولم يكتفِ بصده لكرتين ، فتسلح بمعنويات الانتصار الوشيك وقال " سأنهيها على طريقتي" ولم يخب ظن 30 مليون عراقي راقب انفعاله وهو يهتف : عراق .. عراق اثناء تحليقه حول الملعب ، آمراً 20 الف بحريني على مغادرة المدرجات بأسى مرير ، ودموعه تسابقه في رشّ مشاعرنا برذاذ الزهو البطولي.
الحكاية لم تنته بعد .. فهناك الفارس الاماراتي المقنع الذي حاول مسؤولوه وجمهوره اخفاء معالم زحفه للقب من دون ضجيج ، اصبح اليوم نداً صريحاً للأسود ، مهدداً إياهم بحرمانهم من الكأس الرابعة ، فالمدرب مهدي علي يعي جيداً انه مطالب بانجاز خليجي بعد النجاح اللافت في دورة أولمبياد لندن العام الماضي ، لكن حكيم الأسود مؤمن بواجبه الوطني هو الآخر في اعادة زمن الامجاد ليدور برهة في مخيلة الشباب ويحثهم على الانتماء لجيل خلدته دورة الخليج بماء الذهب يوم اهدى الراحل عمو بابا ثلاث ميداليات ذهبية تدلت من كؤوس 79و84و88 في عز التنافس الخليجي المحتد بدهاء نجوم كبار ومدربين عباقرة وقف لهم أسداً منيعاً لخططهم الماكرة ، وجاء شاكر ليكون ابناً باراً لشيخ المدربين الذي مات وفي قلبه غصة كبيرة لقصر قامة منتخبنا في خليجيات الدوحة وابو ظبي ومسقط!
ليس امامنا سوى قبول التحدي الأخير في البحرين ومطالبة الكابتن يونس بالحاح لرفع الكاس كي نمهر شهادة ميلاد الأسود الشجعان في عرس الختام وننطلق معاً نحو آفاق الكرة العراقية وهي مقبلة على تحديات كبرى في الطريق الى قمم البطولات تضع اسرة اللعبة امام خيارات عدة ، إما ان تفتح بوابة مجدٍ جديد في مونديال البرازيل وتمضي بالكرة لزعامة القارة الصفراء أو نبقى ندور في تجارب نجاح محدودة نتمنى ألا نفرح قليلاً ونعاود التحسّر و...الندم.
الكاس.. الكاس يا سفاح
[post-views]
نشر في: 16 يناير, 2013: 08:00 م