وصلتُ إلى بريطانيا طالباً اللجوء السياسي في العام 1992(قادماً من سوريا وقبلها لبنان). وتصادف وصولي مع انتهاء عضوية رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر في مجلس العموم (النواب) وحصولها على لقب (بارونة) وعلى عضوية مجلس اللوردات (الشيوخ) أيضاً.
تاتشر التي اشتهرت بصفة (السيدة الحديد) كانت قد تولت رئاسة الحكومة البريطانية ثلاث مرات متتالية ( 1979 – 1983 – 1987) الا ان المرة الثالثة لم تكملها فقد استقالت أواخر العام 1990 قبل ستة أشهر من موعد الانتخابات العامة، منصاعةً لضغط حزبها الذي انتابه قلق شديد من تراجع شعبية زعيمته ومن ملامح دكتاتورية بانت على سلوكها في السلطة.
عندما جرت الانتخابات العامة في 1991 تبين ان حزب تاتشر على حق في إرغام زعيمته على الاستقالة، فقد احتفظ الحزب بعدها بالسلطة لمدة ست سنوات، ومن دون استقالتها كان من شبه المؤكد أن يخسر حزب المحافظين السلطة لصالح غريمه التاريخي حزب العمال.
ما حدث لتاتشر تكرر لاحقاً مع الزعيم العمالي توني بلير الذي فاز هو الآخر بثلاث دورات انتخابية (1997 – 2001 - 2005 ) لكنه اضطر إلى قطع الثالثة والاستقالة بضغط من حزبه لأسباب مشابهة تقريباً لأسباب استقالة تاتشر.
لا تاتشر ولا بلير نقص من قدره بقطع ولايته الأخيرة، فتاتشر، كما مرّ، احتفظت بمقعدها البرلماني سنتين تقريباً بعد استقالتها، وعندما خرجت من مجلس العموم انتقلت الى مجلس اللوردات مع أرفع لقب بالمعايير البريطانية. وحتى اليوم تتمتع تاتشر بمحبة الكثير من البريطانيين. وقد أنتج أخيراً فيلم عن حياتها جسّدت فيه دورها واحدة من أكثر نجوم هوليوود شهرةً، هي الممثلة الأميركية البارعة ميريل ستريب.
أما توني بلير فاحتفظ هو الآخر بشعبيته وشهرته حتى ان الأمم المتحدة عيّنته فور استقالته من رئاسة الحكومة مبعوثاً دولياً للجنة الرباعية الدولية الخاصة بالسلام في الشرق الأوسط. وحتى اليوم يواصل نشاطه السياسي الدولي ويلقي المحاضرات في العديد من الجامعات ومراكز الابحاث والمنتديات الكبرى في العالم ويقدم المشورة لحكومات ومؤسسات.
خلال ولاياتهما الثلاث، تعرّض كلّ من تاتشر وبلير لاستجوابات حامية في البرلمان البريطاني، ولم يستنكف أي منهما أو ينزعج من طلبات الاستجواب، بل انهما أدّيا المطلوب ببراعة، وهذا ما جعلهما يحتفظان بالتقدير والاحترام داخل بلديهما حتى بعد أن غادرا 10 دواننغ ستريت.
منذ سنتين في الأقل يواجه رئيس حكومتنا مشاكل جمّة مع القوى السياسية الشريكة له في الحكومة وتلك القائمة خارج الحكومة والبرلمان. بل ان هذه المشاكل هي أكثر عمقاً في الأوساط الشعبية. فأقل ما يريده الناس من حكومة تتوفر على موازنة سنوية فلكية (100 مليار دولار) أن تُيسّر حياتهم وتسهّل أمورهم بضمان أمنهم وتقديم الخدمات الضرورية لهم. لكن هذه الحكومة فشلت في ذلك فشلاً ذريعاً، وهي تحقق في كل يوم فشلاً جديداً .. أقل ما ينبغي أن تفعله هذه الحكومة أن تعترف بتقصيرها وفشلها وتستقيل، فتريح وتستريح.
جميع التعليقات 8
رمزي الحيدر
لا تكون ساذجاً وتأمل من حكومة المالكي بالاستقالة, أنهم يجلسون على كنزاً لا ينضب ,أنهم سوف يعملون المستحيل من أجل البقاء في السلطة لا المرجعية الدينية ولا الأنتخابات القادمة قادرة على أزاحتم السبب لانهم فاسدون ولا يأمنون بالعملية الديمقراطية.
Abu Semir
Thatcher Blair are 21st century politicians with bright leadership, for them to resign mean they listen to their people and we they listen they get rewards. In the middle east the leaders can not believe they became “ a leader” and the others have to li
رياض علي العبيدي
يا عزيزي استاذ عدنان حسين الحترم هل انت مقتنع بهذه المقارنه بين اناس جائوا الى السلطه لتحقيق طموح جله مصلحة البلد والمواطن وبين متسكعين ومتحايلين على الحكومات الغربيه اللتي كانت تؤمن بان اللاجئ لها صادق حتى يثبت عكس ذالك واللذين سنحت لهم الفرصه ليعثرو عل
رمزي الحيدر
لا تكون ساذجاً وتأمل من حكومة المالكي بالاستقالة, أنهم يجلسون على كنزاً لا ينضب ,أنهم سوف يعملون المستحيل من أجل البقاء في السلطة لا المرجعية الدينية ولا الأنتخابات القادمة قادرة على أزاحتم السبب لانهم فاسدون ولا يأمنون بالعملية الديمقراطية.
Abu Semir
Thatcher Blair are 21st century politicians with bright leadership, for them to resign mean they listen to their people and we they listen they get rewards. In the middle east the leaders can not believe they became “ a leader” and the others have to li
رياض علي العبيدي
يا عزيزي استاذ عدنان حسين الحترم هل انت مقتنع بهذه المقارنه بين اناس جائوا الى السلطه لتحقيق طموح جله مصلحة البلد والمواطن وبين متسكعين ومتحايلين على الحكومات الغربيه اللتي كانت تؤمن بان اللاجئ لها صادق حتى يثبت عكس ذالك واللذين سنحت لهم الفرصه ليعثرو عل
الموج الهادر
سامحك الله استاذ عدنان اين الثرى من الثريا .. اتقارن بين دهاقنة السياسة وصعاليكها .. كيف تقارن بين من يفضل الاستقاله لمصلحة بلده وبين من يصيح من على المنابر (( بعد ما ننطيهه)) هولاء ناس لايؤمنون بالديمقراطية وقلوبهم مليئه بالكراهية .. واقتبس كلمه لبرنادشو
ذكاء البغدادي
السيد كاتب المقال نحن نتكلم عن الصلاحيات الدستورية وليس عن قرارات الاحزاب ,, فهل الدستور يسمح ام يمنع شي وان الحزب يرتأي شيئا اخر صحيح ان الوظيفة في بعض الاحيان ترتاي ان يتحرك القلم في اتجاهات يمينا او يسارا ولكن هذا لن يغير من واقع الحال شيئا ,, ليتك عرج