لامني صديق إعلامي عزيز ليلة أمس بعد أن اكتشف أني فعلا لا أتابع كثيرا من البرامج الحوارية التلفزيونية، ومنها برامجه، التي تجمع بين السياسيين العراقيين وتحاورهم. كنت قد كتبت في أكثر من عمود بان نفسي ملت حقا من متابعة هؤلاء بعد أن صرت أعرف ما يقولون ولا أرتجي منهم مثقال خير، لا للوطن والناس، فقط، بل وحتى لأنفسهم. وصديقي، الذي يتابع ما أكتب ولا يبخل علي بآرائه، ظل يستشهد بقول هذا السياسي أو تلك "السياسية" ويسألني إن كنت قد سمعت ما قاله فلان أو فلانة منهم، وأجيبه بالنفي. بدا غير مرتاح إلى أن سألني إن كنت، على الأقل شاهدت لقاء تحاور به كل من علي حاتم سليمان وحنان الفتلاوي على إحدى القنوات العربية، فأجبته: كلا. استغرب، من باب حرصه عليّ طبعا، وأوصاني وصية الصديق المخلص لصديقه: لازم تشوفه. وليش هالملحّة؟ أجابني أن الفتلاوي كشفت سرا خطيرا وهو أن الشيخ الدليمي كان قد دخل الانتخابات الأخيرة ضمن ائتلاف دولة القانون ولم يحصل إلا على قليل من الأصوات. والسر الآخر هو أن الفتلاوي كشفت عن أن الشيخ الشاب كان يمتدح المالكي وحكومته أثناء الاجتماعات التحضيرية التي سبقت الانتخابات. تساءل صديقي: هاي جديدة ومهمة مو؟ صراحة لم أجبه.
هذا الصباح، الذي استيقظت فيه متأخرا بفعل السهر، هرعت للانترنت فجوجلتها آملا بالعثور على تسجيل للقاء. لم أحظ إلا بمقطعين صغيرين منه. وللأسف لم أجد فيه فقرة امتداح الدليمي للمالكي. ما وجدته يصح أن تصفه بكل الأوصاف إلا أن تقول عنه انه حوار.
اتصلت بصديقي هاتفيا لكنه لم يرد فلربما لم يستيقظ بعد بسبب طول السهر هو الآخر. أردت أن أقول له: أهذا هو الذي لمتني فيه؟ وهل يستحق مثل هذا الاستعراض أن أمنحه ثانية من وقتي وأشغل نفسي والقراء به؟
انتظرت صاحبي كي يرد على "المس كول" علّي أجيبه عن سؤال البارحة الذي اعتبر فيه امتداح السليمان للمالكي سابقا وانقلابه عليه اليوم سرا جديدا ومهما أيضا. لا يا صديقي فهذا أمر طبيعي جدا أن يغير الإنسان موقفه صوب أي شخص أو قضية عندما يظهر له ما كان خافيا من قبل. ففي العام 2009 الذي أعجب به علي السليمان بالمالكي كان كثيرون منا قد أعجبوا به خاصة بعد ما سمي بـ "صولة الفرسان". هناك مثقفون، وليس سياسيين أو أناسا بسطاء فقط، قد أعجبوا به لأنهم لمسوا انه يسعى لإعداد قائمة عابرة للطوائف والتحزب. وهناك من انتخبه أو روج لانتخابه على هذا الأساس. لكن المالكي بعد أن تمكن من كرسي السلطة تنكر لوعوده وضرب الذي أعجب به "ببوري" من النوع الثقيل. لا أظن أن أياً من الذين اقتنعوا بابتعاد المالكي عن النهج الطائفي ظل كذلك بعد أن قرأ افتتاحية جريدة "الغارديان" البريطانية الصادرة يوم 14/12/ 2012، التي قال فيها: " إنني أولاً شيعي وثانياً عراقي وثالثاً عربي ورابعاً عضو في حزب الدعوة".
فإن كانت الفتلاوي حقا قد أعابت ذلك على السليمان، فلعمري ما هو رأيها بالحر الرياحي الذي كان هو أول من جعجع بوجه الإمام الحسين وأرعب قلوب نساء وأطفال أهل البيت، كما جاء في "المقتل"؟ ألم يغير الحر رأيه بعد ذلك؟ ألم يرحب بموقفه الحسين، حتى أن شاعرنا العراقي على لسانه:
أمك ما خطت من سمّتك حر !
عمّ يتحاورون؟
[post-views]
نشر في: 19 يناير, 2013: 08:00 م