احد العراقيين ممن خاضوا غمار العمل السياسي قبل عشرات السنين، يدعي انه بإمكانه استشراف ما ستشهده السنوات القليلة المقبلة من أحداث سياسية، فهو بحسب وصفه "يقرا الممحي"، ويكشف المخفي والمستور من دون الاستعانة بالوسائل السائدة في معرفة الغيب، ويزعم أن قدراته الباراسايكلوجية كفيلة بأن يعلن في الوقت الحاضر نتائج التشريعية المقبلة، ومن سيتولى منصب رئيس الوزراء، وعدد مقاعد الكتل النيابية في البرلمان المقبل .
الرجل تجاوز السبعين من عمره، وتفرغ لتربية الحمام الزاجل بعد أن أحال نفسه إلى التقاعد من العمل السياسي، بقرار شخصي، لان رفاقه تركوه وحيدا فريدا ، ولم يسعفه الحظ في الحصول على جواز سفر للتخلص من ملاحقة رجال الأمن، وكغيره من بعض منتسبي حزبه وقّع على تعهد خطي بترك السياسية لأهلها، ومنذ ذلك الوقت ، قرر وبمحض إرادته الاهتمام بالحمام الزاجل، لإبعاد الشبهات، والتفرغ لعمل يوفر له الدخل اليومي، وبه استطاع أن يعين أسرته الكبيرة، ويضمن لأبنائه مواصلة دراستهم الجامعية .
المقربون من الرجل لا يجدون ثمة علاقة بين استشرافه للمستقبل وحمام الزاجل، والوسط الذي يلتقي فيه ابعد ما يكون عن السياسة وشجونها فليس بين "المطيرجية" من يهتم بمتابعة جلسات البرلمان، ومشاكل المنطقة، والأزمة الراهنة، وحين ينسى الرجل نفسه في بعض الأحيان، ويجلب معه جريدة إلى "الجمباز" وهو مكان تجمع أصحاب الطيور، يرى ردود أفعال تعبر عن الامتعاض والاستياء على ملامح الوجوه، فتخلى عن عادته تلك، وفضل الخوض في الحديث عن السياسة في أماكن أخرى، وعندما يوجه له السؤال لإبداء رأيه بقضية معينة أو بيان توقعاته عن المسألة الفلانية .
المقربون من الرجل يؤمنون بتوقعاته، فهو سبق أن اخبرهم بان مشكلة الكهرباء ستظل مستعصية، والعلاقة مع بعض دول الجوار سيشوبها التوتر، وإمكانية خروج العراق من الفصل السابع ستحتاج إلى مزيد من الوقت، واستبعد إمكانية ان يحقق مجلس النواب في دورته التشريعية الحالية إقرار قانون تشكيل الأحزاب، وتعديل النظام الانتخابي، وستبقى الوجوه الحالية مهينة على المشهد السياسي، وهنا يبادر المقربون بطرح أكثر من سؤال لمعرفة رئيس مجلس الوزراء المقبل، تمر لحظات من الصمت، وبعدها يشترط الرجل قبول الجواب بروح ديمقراطية من دون زعل، وإيمانا بالتداول السلمي للسلطة ، يؤكد أن كل شخص سيحتفظ بمنصبه باستثناءات طفيفة جدا .
مع بدء العد التنازلي لخوض الانتخابات المحلية أبدى الرجل استعداده لتسخير الحمام الزاجل للقيام بفعاليات في إطار الدعاية الانتخابية للمرشحين الجدد، لن لا يرى ثمة تغيير سيحصل في تلك المجالس، فأعلن أمام المعجبين بمواهبه بأنه سيتبرع مجانا لصالح المرشحين أصحاب البرامج الحقيقية في توفير الخدمات، وإزالة النفايات من العاصمة بغداد، وتقليص عدد السيطرات الأمنية، وفتح الشوارع المغلقة، وإنهاء حالة انتشار العسكر في المدن، بجعل الحمام الزاجل ينقل البرامج إلى أماكن قصية.