TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بين المترجمة ماري طوق ومهزلة الديكة المزيفة

بين المترجمة ماري طوق ومهزلة الديكة المزيفة

نشر في: 22 يناير, 2013: 08:00 م

2-2

كما قلت من حق ماري طوق إصدار ترجمة جديدة لرواية "المثقفون" لدوبوفوار، فهذه أمور تحدث، مثلما ما تذكرت أهل الكهف، لو لم أقرأ مقالاً ثانياً عن الترجمة في جريدة الحياة. فما معنى نشر مقال ثانٍ في الجريدة ذاتها وبعد ثلاث سنوات ونصف من نشر المقال الأول، خاصة إذا كان المقال "الجديد" أولاً: عن الترجمة نفسها، ثانياً: نُشر على الصفحة ذاتها وبوجود المحرر "النائم" ذاته، ثالثاً: إذا كان المقال اجتراراً للأول ولمقالات أخرى، رابعا وتلك هي الطامة: إذا كان الكاتب يجهل اللغة الفرنسيةً؟

الكارثة لا تكمن في نشر مقال عديم اللون والرائحة والطعم بعد ثلاث سنوات ونصف من صدور الكتاب! أو أن ما حدث هو دليل على زيف هؤلاء وعدم خضوعهم لمسؤولية ضمير، فهم بالتالي يروجون للسذاجة والتزوير، بل هي دليل فاضح على نومهم الدائم. محرر الحياة وكاتب مقاله، هما رقمان بسيطان لقائمة طويلة تضم محررين ومثقفين كتبوا عن ترجمة طوق، احتفوا بها بصفتها ضربة فريدة في توقيتها: "لا أعرف إذا كانت ترجمة سيمون دو بوفوار "المثقفون" في وقتها، لكن يتراءى، أكان ذلك عن قصد من المترجمة ماري طوق أو غير قصد، أنها كذلك" (كذا كتب المشرف على الملحق الثقافي لجريدة السفير، عباس بيضون في 12/7/2009)، "من خلال رواية المثقفون التي دخلت أخيراً المكتبة العربية...( سناء الخوري،8/9/2009 موقع قدينانت)، ومقالات أخرى في صحف خليجية، منها جريدة الرياض في تموز 2009. لا أحد منهم أشار للترجمة القديمة الصادرة قبل 47 عاماً من ترجمة طوق! رغم ذلك تظل المقالة الأخيرة، أم المقالات، فهي لا تكرر أسطوانة "أهل الكهف" المشخوطة للمقالات التي قبلها، بل تريد تذكيرنا بوقاحة بأعمال "الكاتبة الفرنسية سيمون دوبوفوارالمترجمة إلى العربية "قوة الأشياء"، و"الجنس الثاني".."، وكيف أن "السؤال بالنسبة إلينا يتمحور اليوم في غمرة الربيع العربي حول رواية "المثقفون" التي صدرت في مجلدين كبيرين عن مشروع "كلمة" وبترجمة دقيقة وأمينة لماري طوق، إذا كان صراعنا الثقافي ينعكس في مرآتها"! (الحياة 23/12/2012)!

أشك في أن كاتب المقال قرأ كتابي دوبوفوار المذكورين، أولا: لأن العنوان الصحيح للكتاب الثاني الذي ذكره هو "الجنس الآخر" وليس "الجنس الثاني"، وثانياً: لأن من قرأ الكتابين، كانلابد وأن عرف كتاب دوبوفوار الأقدم، رواياتها "المثقفون"، أو "الماندرين" (النخب الثقافية، كما هو معنى "ماندرين" في الصين القديمة)، لأن الرواية المنشورة 1954 في باريس وحازت حينه جائزة الغونكور، صدرت في بيروت عن دار الآداب 1962 بترجمة عائدة مطرجي وسهيل إدريس، وقرأناها بنهم في السبعينيات. طبعاً كان يمكن السكوت، لكن أولاً: معرفتي من جهل كاتب المقال باللغة الفرنسية، أمر يضعه في وضع المنافق عندما يمدح ترجمة من لغة لا يعرفها، ثانياً: هو لم يقارنها بترجمة الزوجين إدريس كما هو متعارف عليه في تقييم ترجمة جديدة لعمل أدبي سبق وأن تُرجم، ثالثا (ولتعذرني السيدة طوق، فهي لا دخل لها في مهزلة الديكة المزيفة هذه!): تلك ليست المرة الأولى التي ينشر فيها المحرر الثقافي للحياة مقالاً يتحدث عن عظمة ترجمة ما، دون معرفة باللغة التي تُرجم العمل عنه، هو نفسه مدح ترجمة عن ريلكة من الألمانية، رغم جهله للغة الألمانية!

عنوان مقال مثقف أهل الكهف هذا المنشور في الصحيفة الدولية حمل عنواناً باهراً: عودة إلى "مثقفي"  دو بوفوار في الربيع العربي. فإذا كانت هناك عودة لا بد منها إلى"ماندرين" دوبوفوار في زمن الربيع العربي، كما أراد قوله العنوان، فلا بد أن تكون العودة هذه بمستوى الربيع ذاته. الربيع العربي الشبابي فضح زيف السلطات الديكتاتورية المتحكمة على رقابنا. للأسف لم نشهد ربيعاً عربياً في المشهد الثقافي يفضح زيف مدعي الثقافة، أهل الكهف هؤلاء. فمتى يحدث ذلك؟ متى، إذا ليس الآن؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram