المنطق تاج الحكمة للمفاضلة في خيارين كليهما يصبان في مصلحة الوطن ويهدفان الى رفعته وبلوغه المستوى المأمول بين دول تسعى هي الاخرى لتكون في مقدمة التنافس للفوز بالتاريخ أولاً قبل الكؤوس والميداليات.
انه ايجاز دقيق يعيه كل مواطن مخلص بعيداً عن مهنته واتجاهه وميوله، وهو ينظر لقضية المدرب حكيم شاكر من ثقب باب المنتخب الوطني الذي بات ضيقاً في الحلول ولا يسع لخيار ثالث ، أما مواصلة المهمة المشرفة معه أملاً لرؤية حلم مونديالي برازيلي يطوف في حدقات ملايين العراقيين أو انتظار مشاركة غير مأمونة العواقب مع أسود صغار يسعون لإنجاح دراما كروية مثيرة في مونديال تركي مليء بالمفاجآت والصدمات في مشاهد الصراع العالمي الشرس.
الاحساس الذي تركه حكيم لدى متابعيه في دورة الخليج الأخيرة في المنامة كان ينمّ عن ثقة مطلقة بأنه مدرب طوارىء لم يخش على سمعته وهو يرمي بنفسه في خليجي غامض ومجهول المصير بعدما انتخى لعراقيته ، ولم يهرب من معسكر الدوحة ، حاملاً آمال شعب استودع حقوقه المعنوية والاعتبارية والتأريخية في (برلمان المنتخب) خير من يمثله في دورة تكالبت جميع الظروف الصعبة عليه محاولة التأثير لتقليص فرص حضوره في ختامها ، فكان العمل المنظم والانسجام العالي بين الملاك التدريبي الذي انضم اليه الكابتن القدير حارس محمد مستشاره الصادق والكفء مفتاح الظفر بالمكانة المتميزة التي وثقتها مشاركته في الدورة 21.
أما اليوم وبعد ان استراح المحارب حكيم من الجبهة الخليجية ، ليس من المنطقي ان يلوذ في خندق الصمت تاركاً الآخرين يقررون مصير كتيبة الأسود التي تترقب مواجهتين ملتهبتين في تصفيات أمم آسيا امام الصين 22 / 3 والسعودية 15 /10 المقبلين ، فضلاً عن المعارك الفاصلة امام عُمان 4/6 واليابان 11/6 واستراليا 18/6 ، أي هناك خمس مباريات لن يجرؤ اي مدرب عالمي مهما كانت سيرته وانجازاته على تقديم ضمان حسمها لدواعٍ نفسية قبل ان تكون فنية ، فالمدرب حكيم اصبح جزءاً من كيان المنتخب الاول وشرياناً حيوياً يحرك اوصال مراكزه بألفته مع اللاعبين وحُسن تدبيره لهم في اوقات الضغوط ، انها عوامل مهمة في معايير اكتمال البناء الانساني في منتخبنا بتشكيلته الحالية.
واعتقد ان اتحاد الكرة ليس ببعيد عن ظروف تعايش حكيم مع اللاعبين ، وكيف انه بلغ ذروة اللحمة الفكرية والوطنية معهم استقطبت اهتمام المراقبين في التجمع الخليجي الأبرز على مرّ تاريخ الدورة ، وأتمنى ان يُتخذ قرار حاسم اليوم بتسميته رسمياً لقيادة المنتخب لتحقيق الهدف الكبير في أجندة الكرة العراقية هذا العام لن يعادله أي انجاز يحاول المنتخب الشبابي التطلع اليه في مونديال حزيران الذي لا يعدو سوى استراحة قصيرة للعرب كما شاهدنا في بطولات سابقة باستثناء قفزات نادرة الى دور الثمانية نتيجة قناعة متجذرة من قديم الأزل " لا مكان للعرب في مقصورة كأس العالم"!
وإذ ننصح بجدوى استمرار (المدرب الأب) حكيم شاكر مع أسودنا في مهماتهم المقبلة ، فاننا نحذر اتحاد الكرة من فتح ملف مدرب أجنبي جديد ممن أحتفظ بسيرهم لخلافة زيكو في حينه ، فالوقت غير مناسب ابداً للانطلاق من الصفر وإعداد برنامج تدريبي مختلف ، وانتقاء عناصر لم ترتدِ الفانيلة الدولية بحاجة الى التجريب في (يوم فيفا) ناهيك عن المشكلات الادارية والتداخل الاتحادي في قضايا فنية فضلاً عن تعارض دوري النخبة مع استحقاقات المنتخب ، كل ذلك يحتاج الى مناخ هادىء لاحتواء أية أزمة تطيح باستقرار الفريق ، ووجود حكيم سيكون خير عون لبسط الانضباط والتآخي والتوحد ، فلا تفرطوا به ولا تذعنوا لعواطفه مع الشباب!