TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تشريب حصو

تشريب حصو

نشر في: 22 يناير, 2013: 08:00 م

في مسرحية بعنوان "شوف تاليها"   للكاتب  والناقد المسرحي عباس لطيف ، قدم في زمن عرض مسرحيته  منتصف عقد التسعينات من القرن الماضي  نصيحة لمواجهة العقوبات الاقتصادية المفروضة على العراقيين بطبخ " تشريب الحصو" وتناوله ساخنا  مع "وحش الطاوة " الباذنجان ،  لتوفير وجبة غذائية لجميع الأعمار ، لدحر "الحصار الجائر" وإحباط المخططات الإمبريالية  بطبخ الحصو من نوع " الصلابيخ" مع الملح  المدعوم بمادة اليود لتفادي الإصابة بأمراض سوء  التغذية .

للحصو استخدامات كثيرة في حياة العراقيين،فقديما استخدم بإضرام النار ، ، وأثناء النزاعات ، والشجار  تتم الاستعانة  به لرشق العدو سواء بواسطة  اليد أو المحجال ،  واستخدم من قبل السحرة وفتاحي الفال من كلا الجنسين لكشف الغيب ، وهناك من يدعي بأن للحصى  القدرة على جلب الرزق بتسخير الجن لصالح شخص عطال بطال ، بتوفير دخله اليومي من دون القيام بأي عمل ، وهذا الشخص  يوصف بأنه  نائم وحظه يبيع ويشتري ، وكل ذلك بفضل "صلبوخ " مجرب لا يقدر بأي ثمن ، ويقال لمن يعمل  بلا جدوى أو تحقيق هدف،  بأنه يطبخ حصو ، والوصف قد يصلح  ليشمل أفرادا وجماعات ، وربما تنظيمات سياسية  تشغل مقاعد في مجلس النواب الحالي ، متهمة من قبل خصومها بأنها  تمارس الممطالة والتسويف،  لتحقيق المزيد من المكاسب ، في وقت أعلنت حرصها على تنفيذ الكثير من المطالب المشروعة وتعهدت بأن يكون ذلك في سقف زمني محدد لا يتجاوز  72 ساعة .

بعد اندلاع التظاهرات الاحتجاجية في العديد من المحافظات ، أعلنت  كتل نيابية تنتمي إلى تحالف يقود الحكومة أنها سوف تنفذ مطالب المتظاهرين ، ومنذ نهاية الشهر الماضي وحتى الآن لم تتحقق خطوات جدية باستثناء إطلاق سراح موقوفين ،  انهوا محكومياتهم ، وتعطل  الإفراج عنهم لأسباب تتعلق بأمور إدارية ، بحسب تصريحات مسؤولين في الحكومة ، فأعطوا دليلا واضحا على حرص جهات رسمية على طبخ  الحصو  للتعبير عن الإيمان بتراث الأجداد  الأوائل . وتفرغوا لخوض مفاوضات ماراثونية مع الشركاء للتوصل إلى اتفاق لتمرير مشروع العفو العام ، وتعديل قانون المساءلة والعدالة .

طبخ الحصو ليس حكرا على الطرف الحكومي ، فالجهات  المؤيدة للتظاهرات والداعمة للمطالب هي الأخرى  بادرت بإعداد "تشريب الحصو " ليكون وجبة طعام مفضلة  لمن ينتظر إجراءات تحسين المستوى المعيشي ، في وقت مازال مشروع الموازنة للعام الحالي موضع جدل وسجال  وشد وجذب في مجلس النواب وتحت رحمة  تحقيق توافق بين رؤساء الكتل النيابية ، والحالة هذه تكشف بشكل لا يقبل اللبس أن رائحة التشريب بدأت تنبعث من تحت قبة البرلمان ،  وللحد من المماطلة والتسويف في تنفيذ مطالب المتظاهرين المشروعة ، قد تشهد الأيام المقبلة رفع شعار  يدعو طباخي " تشريب الحصو" إلى البحث عن وسيلة أخرى تؤكد احترام إرادة الشعب ، لإلغاء سؤال  بات يتردد في أذهان العراقيين متى " نشوف تاليها؟ " .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram