في كل يوم اسمع فيه تصريحا لنائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني حول تلبية مطالب المتظاهرين اشعر بالاسى على الرجل الذي وجد نفسه في موقف لا يحسد عليه.. فقد كان الشهرستاني يعتقد ان مجرد الظهور على شاشات الفضائيات والاعلان عن قبول الحكومة لبعض المطالب، سينهي الصراع السياسي بين اطراف الازمة ، بالمقابل المواطن المسكين ايضا توهم ان رسائل التطمين ستجعله يعيش اياما هانئة لا تعكرها مفخخات ولا كواتم صوت ولا تصريحات طائفية تزيد من اشعال الازمات والنيران.. للاسف البعض لايزال يعتقد ان مجرد الابتسام في وجه الكاميرا، ومصافحة مسجون سينهي جولات المصارعة الحرة بين شركاء المحاصصة الطائفية.
للاسف ينسى الجميع ان سياسيينا ومسؤولينا يتخذون من معاناة الناس وازماتهم جسرا للوصول الى مشاريع نفعية لا تتعدى تحقيق مطالب شخصية او حزبية .. ولاننا نعيش في ظل ساسة لايرون ابعد من غنيمة الحصول على منصب سياسي، ويصرون على ان يستحوذوا على كل شيء وأي شيء، فمن الصعوبة ان نجد المواطن البسيط وقد اصبح الحاضر الاول في اجتماعات الغرف المظلمة ، بينما الواقع يقول ان مايجري هو الاصرار والاستمرار في مسلسل السطو على مقدرات وثروات البلاد.
الناس تتساءل، ما معنى أن يقول المالكي كلاما ثم يقول نقيضه بعد ايام، هذا يعني إن هناك شيئا تغيّر على الأرض وان رئيس الوزراء قد تراجع عن قراراته، لكن الوقائع تقول عكس ذلك ومن يريد أن يتأكد عليه قراءة التصريح الاخير لممثل الامين العام للامم المتحدة مارتن كوبلر والذي بشرنا بان النوايا حقيقية لحل مشاكل العراق وتلبية بعض مطالب المتظاهرين.
ولأن كل شيء يدار بالأزمات وافتعال المعارك نجد الجميع يحرضون على الطائفية، وتراهم جميعا يقررون قبل ان يفكرون .. وشعارهم السيطرة على الناس ، ولا شيء غير السيطرة، وهذا سر حماس مقربي الحكومة ورجالاتها لمشروع حسين الشهرستاني "للمناكفة" الوطنية.
ليس الأمر متعلقا بخطة الشهرستاني، ولا بالصورة الشهيرة التي له وهو يوزع المصاحف لمن اطلق سراحه، الموضوع الاساسي في كل ما جرى هو الرسالة التي يريد البعض ان يوصلها لهذا الشعب ، خذ حذرك واياك ان تتمرد على الواقع الذي يقول ان لابديل لمايجري ، وان ساستنا بيدهم ان يقطعوا عنكم خبز اطفالكم وبيدهم ان يعيدوه اليكم مضاعفا فقط، ان تنتبهوا للامر وتدركوا انكم مدينون بحياتكم وعيش ابنائكم وامانكم لكتيبة من الساسة لايفرقون بين جيوبهم وخزينة الدولة.
لقد بات واضحا للجميع ان فشل القوى السياسية ومعها حكوماتها الكسيحة في صياغة مشروع سياسي لدولة مدنية تحترم خيارات شعبها، دفع هذه القوى إلى خوض معركة المصالح والمكاسب، فنحن امام قوى تدعي السياسة، لكنها في الحقيقة مجرد أفراد ومجموعات انشغلوا بقوانين الحشمة وفرض الوصاية على العباد ومطاردة النساء في اماكن عملهن ودراستهن ، وتحويل ثروات البلاد الى دول الجوار.
سياسيون ومسؤولون يحملون بضاعة منتهية الصلاحية ويريدون بالتحايل والمكر والخديعة فرضها على الشعب ، يثيرون غبار المعارك من اجل التغطية على احلام بناء دولة مؤسسات تقدم للناس الخدمات والتعليم والعلاج وتتيح للعراقيين جميعا بغض النظر عن طوائفهم وانتماءاتهم فرصا كريمة للعيش والعمل .
لقد مضت اشهر طويلة على الازمة السياسية الاخيرة، وعقد اكثر من اجتماع مجاملة وصدر اكثر من بيان تطمين وسمعنا اكثر من مسؤول يقول ان القوى المتحاربة ستلقي السلاح ارضا ، لكن الواقع يقول اننا لازلنا نواجه سياسيين بلا رؤية، لا يعرضون أفكارا ولا يطرحون مشاريع بناءة ، وان اجتماعاتهم لا تعطي أملا للناس ولا تبشر بفرص حقيقية، فهم منهمكون بطرح قدر مهول من التصريحات، التي دائما ما تنتهي بجمل وعبارات ملت الناس من سماعها، وسيقول لنا " فلان" احذروا "علان" وسنجد أن الجميع مصرون على مواصلة ذلك الخطاب المحرض على الفوضى السياسية، هذه الفوضى التي تجعلنا نطالب الجميع بان لا يفرحوا لابتسامة الشهرستاني.. ويقرءوا جيداً تحذير كوبلر.
ابتسامة الشهرستاني .. وقلق كوبلر
[post-views]
نشر في: 22 يناير, 2013: 08:00 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 2
برهان الدين كمال
شكرا اخ علي أظن أنك تقيم أوضاع العراق من خلال قنوات البغدادية والشرقية فأنت وأمثالك مل ينصفوا يوما شخص رئيس الوزراء ولن يفعلوه لطالما يأتي التقييم من خلال القنوات المذكورة
مهدي الموسوي
المطلوب من الكاتب القدير علي حسين والذي لانشك ابدا بنواياه واخلاصه، المطلوب منه قليلا من التسلح بالامل ودعم من يعمل، ان النكد المتواصل واتهام نوايا الاخرين بلا انقطاع لايجوز، ان كشف الحقائق من قبل كتابنا هو واجب مقدس، ولكن قتل الامل في نفوس الناس ووأد احل