بدءاً سأتفق مع ما سمعناه من علي الشلاه، وغيره من طبقة "المقربين"، بأن عدد نفوس الشيعة 20 مليونا. عدا عن ذلك لا أنكر، ولا يمكن لغيري أن ينكر، أن الشيعة في العراق هم الأغلبية من الناحية العددية. ورغم انه لا توجد مادة دستورية تقر صراحة بأن رئيس مجلس الوزراء يجب أن يكون شيعيا، لكن الواقع أثبت بأن كافة الكتل السياسية ومعها قطاعات جماهيرية واسعة باتت مقتنعة بوجوب أن يكون كذلك. ولمن يعترض، أذكره برسالة الرئيس جلال طالباني أيام السعي لسحب الثقة عن المالكي، التي أكد فيها بوضوح شديد أن رئيس مجلس الوزراء يجب أن يكون من التحالف الوطني. أي شيعي.
لم نسمع، لا من الكرد أو السنة، ولا من أي من طرف مشترك بالعملية السياسية، علماني أو إسلامي، اعتراضا واحدا على ما قاله رئيس الجمهورية. وهذا يعني، بالنتيجة، أن الكل راضون ومقتنعون بذلك. الذي أريد قوله صراحة هو أن الادعاء بأن هناك سعيا لسحب كرسي رئاسة الحكومة من الشيعة ما هو إلا بدعة، أو بالأحرى كذبة كبرى، روج ويروج لها، بشكل خاص، أعضاء دولة القانون وحزب الدعوة بالذات بدون أي دليل.
نعم، هناك أطراف من كل الأطياف، ومن بينهم الشيعة، غير مقتنعين بأداء المالكي كرئيس لمجلس الوزراء. هم يرون انه فشل في إدارة شؤون الدولة ولا يجيد غير صنع الأزمات وجر العراق إلى صراعات جانبية، جعلته من بين أكثر بلدان العالم تخلفا من النواحي الأمنية والإنسانية والاقتصادية.
أقولها مرة أخرى، وباختصار شديد أيضا، إن الكتل والأطراف السياسية برمتها، منذ اتفاقية أربيل لليوم، لم تعترض على حكم الشيعة للبلاد لأنها لم تعترض على منح التحالف الوطني الشيعي صلاحية ترشيح رئيس الحكومة. فأين المشكلة؟ إنها في اختزال المكون الشيعي كله في حزب واحد لا يشكل أعضاؤه نسبة واحد بالمئة من الشيعة، إذ ليس من المعقول أن يتجاوز عدد أعضاء حزب الدعوة 200 ألف شيعي. والأنكى والأمرّ أنه حتى هذا الحزب اُختِزل بشخص واحد هو المالكي. متى صار الشيعة هم المالكي والمالكي هو الشيعة؟
لا أدري كيف يرتضي التحالف الوطني بشيوع فكرة ان مستقبل الشيعة مرهون ببقاء شخص في مكانه وكأن العشرين مليون شيعي الذين يتحدثون عنهم ليس فيهم رجل واحد يمكن ان يحل محل المالكي؟
ان إصرار المالكي على البقاء في كرسيه رغم انه لم يقدم للعراقيين، عدا مقربيه وبعض من اعضاء حزبه، منجزا واحدا يجعل المراقب المنصف يشعر بان الناس قد تخلصت حقا من عصور الظلم والاستبداد، هو المعضلة الأساسية التي تقف وراء كل ما شهده ويشهده العراق من تظاهرات واحتجاجات وصراعات في الشوارع وتحت قبة البرلمان.
لم نسمع احدا في التحالف الوطني، ولا حتى من اطراف مهمة في حزب الدعوة، مثل علي الاديب وحيدر العبادي ولا حتى سامي العسكري، عدا قله من "المقربين"، كلاما عن ميزات المالكي ومؤهلاته الفكرية او "مواهبه" السياسية التي تثبت استحالة وجود بديل له. اللهم، وللأمانة، اني اسمع من بعضهم خلال لقاءات خاصة، إقرارهم بشيء غريب وهو ان "الكل" سيئون، لكن المالكي أفضل السيئين فلا بد منه!! و كرة عينك يا وطن.
جميع التعليقات 1
علي العراقي
بارك الله في قلمك وبارك الله فيكايها الطيب تحياتي