ما صادف أن تعرضت لهجوم كالذي تعرضت له يوم نشرت عمودي "إنّا لله" على صفحتي في فيسبوك، والذي اعترضت به على صيغة بيان المالكي بعد قتل بعض المتظاهرين بالفلوجة برصاص العسكر. تمنيت عليه أن يبدأ بتعزية ذوي القتلى والترحم عليهم معتقدا أن ذلك سيسهم، ولو إلى حد ما، في إطفاء شرر الفتنة. ليس جديدا أن يتعرض لما تعرضت له كل من ينتقد السلطة ويكشف عن سلبياتها في دولنا العربية والإسلامية. فشخصيا تعرضت لهكذا هجمات منذ كنت أكتب ضد صدام، في أواسط الثمانينات، إلى اليوم. الفارق هو أن "أنصار" صدام لم يتهموني بأني عارضته لأنه "سني"، بل وجهوا لي تهم العمالة والخيانة والانتهازية والجاسوسية إلى ما لا يعد من شتائم جاهزة في قواميسهم المعروفة. أما "أنصار" المالكي فقد اختصروا كل ذلك بتهمة أني من أعداء الشيعة، وأني ما كنت سأنتقد المالكي لو لم يكن "شيعيا"!
يقولون هذا عني و أنا الشيعي الذي تربيت في أحضان أب يعتمر العمامة وأول بيت شعر أحفظني أياه قبل أن أدخل المدرسة كان:
لا عذّب الله أمي إنها رضعت حب الوصي وغذتنيه باللبن
وكان لي والد يهوى أبا حسن فصرت من ذي و ذا أهوى أبا حسن
فتحت عيني في بيت تميزه مكتبة تضم المئات من الكتب الشيعية والأدبية والتاريخية التي كان ينتقيها والدي ويحرص على أن لا تكون من النوع الذي يزرع الكراهية أو يشوه سمعة المذهب. قرأت أغلبها وتعلمت منها الكثير.
قرأت فيها عن رأي ابن طاووس بالحاكم فأعجبت به حتى أني صحت على شاشة قناة الجزيرة في قلب دولة قطر وعلى الهواء، في العام 2004: "أفتخر أني ابن مذهب فيه الحاكم الكافر العادل خيرٌ من المسلم الجائر". وفي نهج البلاغة قرأت قول الإمام علي "إن خلافتكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز"، فزادني به حبا وتعظيما. وعندما كنت أقرأ سيرة الحسين استوقفني كثيرا قوله " أكره أن أبدأهم بالقتال". قالها ليمنع احد أصحابه من تصويب سهمه تجاه من شتم الإمام. وقرأت من ينسب له انه قال: "إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني". ومن يومها إلى اليوم صار أحب الناس على قلبي من يزهد بالسلطة ويعفط لكرسيها.
فيا من اتهمتموني وغيري، من الذين يعارضون طريقة المالكي في الحكم وتشبثه بالسلطة، بعداء الشيعة: ها هو قرار تحديد مدة رئيس الحكومة بولايتين، الذي أقره البرلمان، يأتي منسجما مع مبدأ الزهد بالسلطة، فهل سيرضى به صاحبكم أم سيهرع لإسقاطه عند محكمته الاتحادية؟
أروني شيعية المالكي قبل أن تطعنوا بشيعيتي!
مَن منّا الشيعي؟
[post-views]
نشر في: 28 يناير, 2013: 08:00 م
جميع التعليقات 4
د . سمير علش
للاسف ان النظام الحالي يسير بنا الى الهاويه لاسامح الله ... المهم هو البقاء في الحكم ولو على حساب الوطن وما فيه اعوذ بالله . كلامك عقلاني ومنطقي ايها الاخ العزيز فلا تبتأس .
المدقق
ان اكثر ما يزعج الانسان الحر والاصيل هو فرض الاملاءات عليه خاصة اذا كانت دون وجه حق .. فتحديد ولاية رئيس الوزراء امر غير دستوري وان كل من اشترك به يعلم علم اليقين ان السيد المالكي يتمتع بشعبية واسعة ومن الممكن ان يكتسح الانتخابات القادمة ويشكل حكومة اغلبي
Dr Sherzad Al-Khalifa
well Done! good article.
د أحمد السرحان
المشكلة لها وجه اخر يا سيدي و هي ان كل الشيعة مذنبون حتى يثبتوا العكس و لا اعرف كيف يمكن ذلك و من يقرأ و يتابع الاعلام العربي (و بعض) العراقي و من يستمع لتصريحات شيوخ الفتنة يصاب بالغثيان حقيقةً من الطريقة السمجة و المحرضة التي يستخدموها. فلا تبتأس يا است