في ليلة ماطرة بائسة في ضواحي ( جاكسون هايتس ) في كوينز، يقول جون ليلاند في مقاله هذا، جُمع أكثر من عشرين شخصاً من أجل حضور تجربة ثقافية غير رسمية : كيف توجِد جماعة أدبية في مكانٍ لا يشتمل حتى على مكتبة بلغة إنكليزية لائقة؟دخل جوزيف غودريتش و أونور مو
في ليلة ماطرة بائسة في ضواحي ( جاكسون هايتس ) في كوينز، يقول جون ليلاند في مقاله هذا، جُمع أكثر من عشرين شخصاً من أجل حضور تجربة ثقافية غير رسمية : كيف توجِد جماعة أدبية في مكانٍ لا يشتمل حتى على مكتبة بلغة إنكليزية لائقة؟
دخل جوزيف غودريتش و أونور مولوي الحانة المحلية بقلق. و السيد غودريتش، 49، كاتب مسرحي و كاتب قصص غموض؛ أما الآنسة مولوي، 51، فقد نشرت حديثاً رواية سيرة ذاتية عنوانها " “Smarty Girl: Dublin Savage ". و كانا منفيين رافضين من قلب بروكلين الأدبية بالذات، حيث كانا يقدمان كلَّ ليلة قراءة، و يبدو أن الكتّاب كانوا في كل مكان ــ وقد أُرغمهم على الخروج سوق العقار ، إلى منطقة مجاورة بدت باهتة، وفقاً للسيد غودريتش.
مع هذا كانوا هنا، في أول يوم ثلاثاء من شهر جديد، في التجمع الشهري لمهرجان جاكسون هايتس الشعري. و تلك هي المرة الثانية التي يحضرون فيها منذ انتقالهم إلى الجوار في شهر آب، و ما رأوه ــ و هو خليط من الأعمار، و مستويات الموهبة، و تحمّس للكلمة المكتوبة ــ يمكن ألاّ يكون بروكلين، لكن ذلك كان كافياً للإيحاء بتفاؤل حذر.
و قد علّق السيد غودريتش قائلاً " هذا حضور حديث التكوين، في عملية الولادة. و عليه، فهو مكان جيد إن وجد، لكننه شيء تافه لوحده ".
ومن بين المناطق المجاورة التي يمكن أن تتنافس لتكون المستنبت الأدبي القادم للمدينة، فإن جاكسون هايتس لا يبدو واعداً في الظاهر. فلا حرم فنون متحررة هناك في الحي، و لا صحيفة أدبية محلية، و كل ما هناك مقهى للكتّاب و كومبيوتراتهم المحمولة. لكن قبل خمس سنوات، بعد تعليق ثرثار من مدرس إنكليزي محلي، شرع كاتبان من المنطقة في إقامة تجمع أدبي هناك. " فقد قال ذلك المدرس إن جاكسون هايتس بحاجة إلى مهرجان شعري "، كما ذكرت مارينا يوف، 27 عاماً، التي عاشت في الجوار منذ أن هاجرت عائلتها من أوكرانيا و هي في الخامسة من عمرها.
وقد أخذت الآنسة يوف و صديقتها سارة هاينَمان تلك الملاحظة باعتبارها تحدياً. فكان جاكسون هايتس قبلةً للمهاجرين، مخزوناً من الشقق الكبيرة، جنة من الغذاء، لكنه ليس المكان الذي يرتبط فيه الكتّاب بعضهم ببعض. و قالت إنها عرفت أن هناك كتّاباً في المنطقة، لكنهم كانوا منفصلين. و إذا ما كتبوا، فإنهم كانوا يكتبون لوحدهم و لم يكونوا يحتفلون. " فبروكلين لها طابعها النمطي كأرض الفنان المتضوّر جوعاً، لكن هناك فنانين يتضورون جوعاً في كل مكان "، كما قالت.
وهكذا بدأت الآنسة يوف و الآنسة هاينَمان، في عام 2008، بإقامة مهرجان جاكسون هايتس للشعر كطريقة للكتّاب المحليين يكوّنون لهم بها قوةً من خلال الأعداد. و بدأ ذلك كحدثٍ سنوي و بالتدريج صار قراءات شهرية في بقعة ليلية من الأرض تدعى تيرزا 7، تحافظ على طموحاتها في حالة معتدلة. و قالت الآنسة يوف عنها : " إن الأمر يتعلق في الواقع فقط بالبحث عن أشخاص لن يظلوا يقلّبون عيونهم من أجل الرغبة في كتابة قصيدة، و البحث عن أشخاص آخرين للتحدث معهم عن الكتب ".
وقد كثر العدد ففاق الكتّاب في عددهم المدنيين الآخرين، و تسلسلت الأشعار في نوعيتها من القصيدة الغنائية إلى الكِلْية المزروعة لنورمان ستوك، 72 عاماً، و هو شاعر فائز بعدد من الجوائز، إلى محطات أنفاق قامت بزيارتها فتاة تبلغ 22 عاماً، اسمها ليريك هنتر Lyric Hunter ، و يعني الصيادة الغنائية ( تقول إنه اسمها الحقيقي)، و قد صار لها سنة فقط تكتب الشعر. و بدأت الأمسية بجلسة مفتوحة الميكرفون، شعراً و نثراً، و انتهت بقراءة شهوانية و تجديفية للويد روبسون، 43 عاماً، و هو شاعر ويلزي انتقل إلى جاكسون هايتس في نيسان.
كما قرأت نعومي ماتن، 67 عاماً، و كانت تشكو من رعب من المسرح، قصائد لأمها الراحلة، وقالت إن القراءات الشعرية ساعدتها على البقاء على اتصال بأمها و تشكيل روابط غير متوقعة مع جيرانها، مضيفةً " لم أعتقد أبداً بأني أستطيع الاستماع إلى شعر أناس اخرين، لكنني أحببت بعض ما قيل هناك، و سيصقل الفتية و الفتيات أشعارهم. لقد جعلني ذلك مهتمة بالشعر ".
وقال السيد نيومان، المنظّم، إنه يرحب بالنوعية المتفاوتة المستوى " فالترحيب بهؤلاء الشعراء وسط شعراء أفضل يخلق طائفةً من الكتّاب. إنه لأمرٌ لطيف أن تنشر كتباً، لكن الشعر يخدم حاجاتٍ عاطفية أولية حقيقية . ... "
أما بالنسبة للسيد غودريتش و الآنسة مولوي، المنفيَّين من بروكلين، فإن القراءة الشهرية لا يمكنها أن تعوّض عما فقداه ــ أي ما جاء بهما إلى نيو يورك ليكونا جزءاً منه. فقد اعتادت الآنسة مولوي أن تقضي ساعاتٍ حرة و هي تكدح في ( فضاء كتّاب بروكلين )؛ فأينما سارت كان هناك كتّاب آخرون، يحدّثونها عن قراءاتهم و يقترحون أن يأتوا إلى قراءتها، قائلةً " إنني أشعر بأني أشبه بمغتربة، كأني فقدتُ بلدي "!