المتابعون لمستجدات الاحداث في العراق وخاصة في ما يتعلق باندلاع التظاهرات الأخيرة في أكثر من محافظة ، لم يستبعدوا وقوف جهات خارجية لتغيير مسارها، بغية استهداف النظام السياسي ، وهو موضع الخلاف القائم منذ العام 2003 ، وأيد هذا الرأي مسؤول في وزارة الخارجية ، معربا عن اعتقاده بأن الأمر بالإمكان احتواؤه ، من خلال تفعيل اللقاءات الثنائية مع جميع دول الجوار وبحث القضايا الثنائية المتعلقة بتحقيق المصالح المشتركة، بعيدا عن الانفعالات السياسية الصادرة من شخصيات اعتادت النظر إلى الاحداث من زاوية حزبية أو فئوية ، مع احترام حقها في التعبير عن قلقها من مخاطر التدخل الخارجي في الشأن العراقي .
بعد احتضان القمة العربية في بغداد في التاسع والعشرين من آذار الماضي أعلن سياسيون ومسؤولون أن العراق استعاد حضوره الإقليمي في المنطقة ، فأعطوا إشارة واضحة إلى أن بغداد بعد أن تخلت عما يعرف بدبلوماسية " التواثي" المعتمدة من النظام السابق وتبنت نهجا جديدا يسعى لكي تعيش المنطقة بأمن وسلام ، بما يخدم مصالح شعوبها ، وأصحاب هذا الرأي ، ونتيجة اتساع الخلاف بين الأطراف المشاركة في الحكومة وحصول الاحداث
في سوريا عادوا مجددا إلى اتهام دول الجوار بمصادرة نجاح مؤتمر القمة .
لا أحد يستطيع أن ينكر التدخل الخارجي في الشأن العراقي ، والبعض يعزو الأسباب لعوامل تتعلق بالخلاف السياسي الداخلي ، وبحسب "اعتقاد" النائب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان فانه يحمل القادة السياسيين والكتل النيابية ،مسؤولية السماح لدول الجوار لكي تكون حاضرة في القرار العراقي .
بعد تشكيل الحكومة الحالية وإعلان برنامجها السياسي أكدت أن دبلوماسيتها ستكون منفتحة على الجميع ، لتجاوز مرحلة شهدت سنوات طويلة من الانقطاع وتوتر العلاقات مع دول عربية وأجنبية ، وتولت وزارة الخارجية تنفيذ البرنامج ، على الرغم من اعتراضات وملاحظات اللجنة البرلمانية المكلفة بمتابعة ومراقبة أداء الوزارة ونشاطاتها ، يبدو أن العلاقة بين الطرفين ليست على مايرام ، فأدى ذلك إلى صدور تصريحات لا تفرق بين استخدام التواثي أو الحوار في التعامل الدبلوماسي بين الدول وخاصة المتجاورة لارتباطها بمشتركات تاريخية وجغرافية، وبروز خلاف أو صراع بين دولتين اليوم، ليس مستبعدا أن يتحول في القريب العاجل إلى علاقة متينة مدعومة باتفاقات ثنائية اقتصادية وثقافية وحتى عسكرية.
الاستياء الشعبي العراقي من تدخل دول الجوار ، تقع مسؤولية تبديده على الدولة ، ووزارة الخارجية هل المعنية بهذا الملف ، مادامت القنوات مفتوحة ، واعتماد الحوار يمكن أن يسفر عن نتائج ايجابية ،وقبل أيام عرضت فضائية عراقية تابعة لأحد الأحزاب تصريحا للنائب السابق "عمر الكربولي" أدلى به من مكان إقامته في تركيا أشار فيه إلى أن التظاهرات ستتواصل في العراق لحين تحقيق أهدافها ، ويبدو أن تصريح " الكربولي" الذي فشل في جمع أصوات تؤهله لشغل منصب في البرلمان الحالي دفع البعض إلى التلويح باستخدام دبوماسية التواثي .