أن يكون هناك رجال أفاضل يجري استغلالهم لتهديد السلم الاهلي ومستقبل العراق، فهي مصيبة كبيرة. والاكبر منها ان يظلوا مستسلمين لعملية الاستغلال هذه، وهذا هو معنى حملة مدنية انطلقت عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" مطالبة بمحاسبة واقالة رئيس مجلس القضاء الاعلى الاستاذ مدحت المحمود، ورئيس شبكة الاعلام العراقي السيد محمد عبد الجبار الشبوط.
لكن وقبل تفصيل هذا القول، لا اقاوم اغراء التعليق على سجال يتناول تصويت البرلمان على قانون تقييد ولاية الرئاسات الثلاث، فهناك جدل قانوني يخوض في فلسفة التشريع، ويسأل عن حق البرلمان في التصويت على قانون كهذا. وما اريد تثبيته على عجالة، ان خطوة البرلمان الشجاعة التي دشنت المرحلة الفعلية لتقليم أظافر الفريق السياسي والعسكري لرئيس الوزراء نوري المالكي، هي ليست مجرد تشريع يتم التعامل معه عبر منظور قانوني، وانما نوع من الرد على المالكي بمنطق المالكي نفسه.
ان المالكي ضرب عرض الحائط كل المعايير والقواعد طيلة العام الماضي، واثبت للجميع انه يعاني من اختلال عاطفي عميق يورط البلاد والعباد فيما لا تحمد عقباه. وقد اصبح من المتعذر معالجته وفق القواعد التقليدية، لانه يرتكب اخطاء خارج كل "الشروط التنافسية" التي حلمنا بها. انه اليوم مختل عاطفيا ويركب دبابة امريكية يمكنها هدم المعبد على رؤوس الجميع.
ما الحل اذن؟
ان هناك لحظة صعبة في تاريخ التشيع العراقي برمته (كصاحب ارفع منصب حاكم) وفي تاريخ العراق بكل مكوناته، وتحتاج هذه اللحظة الى فرض "حجر صحي" على سلطان مصاب بالهوس كي نمنع انتشار الشر ونحاصره. وتقييد حكمه بولايتين هو خطوة اولى لاستبعاد رجل اراد "احراق الرايخ" العراقي وحل البرلمان واشعال حرب عربية كردية واخرى سنية شيعية.
ان البرلمان مطالب بخطوات استثنائية حتى لو كانت تتعارض مع كلمة قانونية هنا او اخرى هناك، لان مسؤولية النواب وجوهر الدستور التعددي الديمقراطي، هو الحفاظ على سلامة البلاد من قرارات غير حكيمة لحاكم يشتهي اعلان نفسه سلطانا. وقانون تحديد الولايات هو اجراء يمثل الحد الادنى من الاجراءات الاستثنائية التي تتخذها الامم وحكماؤها حين يصاب السلاطين بالهوس.
وفي اطار الهوس نفسه، نجح السلطان في تحويل مؤسسة القضاء الى وسيلة ترويع وتخويف للمعارضة وللبرلمان.
نريد استجواب علي الأديب فيفتي السيد مدحت المحمود بالمنع. طيب وزير الرياضة على الاقل. والمحمود يفتي بالمنع. نريد حماية البرلمان بالدستور فيقول المحمود للسلطان ان من حقه حل البرلمان وان تفسيرات الدستور تسمح، ولولا تدخل مرجعية النجف لكنا اليوم بلا اي شرعية سوى ما تشاؤه ارادة العسكر الذين يتلاعبون بعقل "سراي الحكومة". يفكر البرلمان باستجواب المالكي بشأن سنة مريرة بدأت بإجراءات اعدام نائب الرئيس وانتهت بدبابات عند السفح الكردي وفتح النار على متظاهري الانبار، فيقول انصار السلطان ان الاستجواب باطل والفتوى القضائية جاهزة لدى السيد مدحت المحمود.
ان استاذ القانون الذي يشار له بالبنان رجل فاضل ولا شك، لكنه يستسلم لرغبة المالكي التي تهدد بأخذ البلاد الى الخراب.
وفي اطار الهوس والالتباس السياسي نفسه، اصبحت قناة العراقية وجريدة الصباح وشبكة الاعلام العراقي الممولة بمال طائل من ثروة الشعب، ناطقا باسم رغبات السلطان وشهواته. واصبح السيد محمد عبد الجبار الشبوط اداة طيعة بيد مشتهي الاستبداد بعد ان امضى سنوات طويلة يحدثنا عن "الديمقراطية الاسلامية" والاعتدال. انه رجل فاضل ايضا نعتز بمعرفته لكنه يستسلم لرغبات المالكي ويتولى طمس الحقيقة بوسيلة اعلام الدولة ويهدد السلم الاهلي ويحرض العرب على الاكراد، والسنة على الشيعة.
اننا امام اشخاص جيدين ورطتهم السلطة بالخطيئة. واذ نتمنى منهم ان يقفزوا من قطار الاخطاء هذا قبل ان ينقلب على رؤوسنا جميعا، فإن حراكا مدنيا واسعا بدأ يدعو الكتل الشجاعة في البرلمان الى انقاذ القضاء وإعلام الدولة من كل هذا الاستغلال. والبدء فورا بممارسة الدور الرقابي على اخطر مفصلين في هذه اللحظة العصيبة، العدالة والحقيقة. والبداية ستكون بتغيير هذين الاستاذين الفاضلين ومنع السلطان من الاستيلاء على العدالة والحقيقة.
ان وجود استاذين فاضلين عاجزين عن ضبط تدخلات المالكي يجبرنا على الدعوة الى التغيير، والا فإن امة بلا عدالة وبلا حقيقة ستكون قصة ندامة كبيرة ترويها الاجيال لاحفادنا واحفاد المالكي والمحمود والشبوط. والحول دون حصول هذا يتطلب من البرلمان دخول حقبة الاجراءات الاستثنائية بلا اي تأخير. والبداية بالمحمود والشبوط مدخل مشروع لدرء المفسدة التي تخيفنا جميعا.
جميع التعليقات 4
منتظر القيسي -العراق
تقييد للمالكي وللذي سيخلفه أيضاً ,قانون تحديد الولاية هو بذاته سيكون المعضلة كما هو الدستور المسخ الذي يولد المشاكل أضعاف ما يحل ولسوف تثبت الأيام أن هذا القانون غير المنطقي في مطه إلي الماضي ليطبق بأثر رجعي هو غاية بحد ذاته في نفوس مريضة تعارض بالقدر الذ
ثامر
اتعجب منك ايها الكاتب العزيز فانت لم تدع منبر او صحيفة لم تطعن بها بشخصية نوري المالكي وانا متابع جيد لك وكنت اتسائل لماذا تهاجم المالكي بهذه القسوة فلو صحت اقوالك عن المالكي بان مدحت المحمود يخاف منه لذلك يتحاشاه لما استطاع شخص مثلك من نشر هذه الكلمات ال
محمد المالكي
ألأخ العزيز سرمد أن الدستور لم يحدد ولاية رئيس الوزراء ولكنه في نفس الوقت لم يشر إلى كونها مفتوحة وهذا يؤكد أن المشرع تركها للظروف ولم يبت في أمرها وهو بذلك سمح للبرلمان بأن يحددها لاحقاً وعلى هذا الأساس فأن التصويت على ذلك لا يتعارض مع أي نص دستوري مع أط
ayad
لا فض فوك جعلك الله رمحا في صدور الثله العفنة التي ابتلي بها العراق