TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أخيراً "المخبر السري" باطل

أخيراً "المخبر السري" باطل

نشر في: 28 يناير, 2013: 08:00 م

الحكومة قررت والقضاء نفّذ.. لا يهمّ من الذي قرر ومن الذي نفّذ.. المهم ان الحكومة والقضاء تراجعا عن خطأ جسيم ظل مرتكباً على مدى سنوات عدة .. هو جسيم لأنه أودى بحياة أناس بعضهم كان بريئاً تماماً.. وهو جسيم لأنه أدى الى بقاء العديد من الأبرياء في السجون والمعتقلات .. وهو جسيم لأنه تسبب في آلام ممضة لآلاف العائلات، وفي قطع أرزاق عدد غير قليل منهم.

الحكومة والقضاء أعلنا أمس الأول انه تقرر "إيقاف أوامر القبض المبنية على إفادات المخبر السري"، بحسب ما قاله في مؤتمر صحفي نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني الذي يترأس اللجنة الوزارية المكلفة النظر في مطالب المتظاهرين في المحافظات الغربية.

هذا القرار يمثل اعترافاً ضمنياً بان اعتماد إفادات المخبر السري كان أمراً خاطئاً وباطلاً، والا ما كانت الحكومة والقضاء قد توافقا على العدول عنه. ويترتب على هذا الاعتراف بالخطأ التعويض مادياً ومعنوياً للضحايا وعائلاتهم .. الذين أعدموا، والذي سجنوا، والذين اعتقلوا، ومن تحصيل الحاصل القول أيضاً: والذين تعرضوا للتعذيب، فالثابت ان الذين ألقي القبض عليهم اعتماداً بإفادة من المخبرين السريين تعرضوا لتعذيب وحشي، ومات بعضهم من جراء المعاملة القاسية من قبل المحققين.

كيف ستعوض الحكومة والقضاء عن الضحايا من معدومين ومسجونين ومعتقلين وعن المتضررين من عائلات الضحايا؟ وبماذا ستعوض الحكومة والقضاء؟

معنوياً لا معنى لأي تعويض إن لم يكن في صيغة اعتذار رسمي وعلني، فبهذا فقط ستكون هناك ضمانة بأن كابوس المخبر السري قد انتهى بالفعل. اما التعويض المادي فكل أموال الدنيا لن تعيد الحياة إلى واحد فقط ممن أعدموا أو ماتوا تحت التعذيب ظلماً وعدواناً، وكل أموال الدنيا لا تعوض ابنة  أو ابناً عن الحرمان من والدهما او والدتهما أو زوجة عن فقدان زوجها.. وكذا الحال بالنسبة للأخت والأخ، والصديقة والصديق، والحبيبة والحبيب.

الأخذ بافادة المخبر السري لطالما تعرّض للنقد والتنديد، بوصفه إجراءً يفتقد العدل والانصاف، لكن الحكومة والقضاء ركبا رأسيهما وأصرّا على اعتماد هذه الممارسة التي لا مثيل لها إلا في دول ابتليت بالانظمة الدكتاتورية المتوحشة ومنها نظام صدام الذي عارضناه، وما كان للنظام الذي خلفه أن يقتفي آثار أقدامه.

لكن تقليد المخبر السري ليس هو الوحيد الذي استورده نظامنا الحالي من نظام صدام. ثمة الكثير من الممارسات والسياسات والقوانين النافذة الان هي نفسها التي كان يستند اليها النظام السابق، وبخاصة في ما يتعلق بالحريات والحقوق. النظام السابق كان منسجماً مع نفسه في قوانينه وقراراته وممارساته .. هو لم يقل انه نظام ديمقراطي أو يسعى لإقامة نظام كهذا. كان يقرّ ويعترف على رؤوس الاشهاد بانه نظام شمولي، بخلاف نظامنا الحالي الذي يلهج مسؤولوه بمفردات الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان أكثر مما يرتلون آيات من القرآن.   

العودة عن خطأ المخبر السري لا تكفي.. مطلوب إعادة نظر شاملة وجذرية في القوانين والممارسات النافذة ليصبح نظامنا منسجماً مع شعاراته ودستوره المنتهكة مبادئُه وأحكامه على نحو مريع. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. خليلو...

    أمسل كان الوقت مبكّراً، وغداً يكون الوقت متأخّراً،أليوم على الجميع أن يغتسل ويطهِر يديه من كل درن الإلتصاق بحكومة تغرق بكل أركانهافي وحل قالفساد لاشبيه .عندمايكون القضاءفي موقف لايختلف عمّاسمعنا أشباههه في السالف من الزمن الحديث لا القديم لإنّه كان طاهرو

  2. طالب احمد

    والسؤال المطروح هل نصدق انهم سوف لا يعملون بوشايا ا لمخبر السري. انهم يكذبون ليل نهار كما هم يسرقون خبز الفقراء كما كل شي والمصيبة كلهم واحد في الانتهازية والفساد بكل انواعه.

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram