حسب التعليمات الصادرة عن الجهات ذات العلاقة (صحة، سيطرة نوعية، كمارك) بأن المواد الغذائية يجب أن تصل منافذنا الحدودية بمدة لا تتجاوز ثلث أو ربع فترة النفاذية عموماً. وهذا إجراء معمول به في أغلب دول العالم المستوردة للحوم الحمراء والبيضاء خصوصاً وأنها مادة أساسية بحيث تشكل حاجة يومية للمائدة العراقية. والإنتاج الوطني لا يسد ربع الحاجة المحلية.
ولكي تتم المعاملة بأوراقها الأربعة (الشهادة الصحية، وشهادة ذبح الحلال مع شهادة المنشأ وقائمة المجهز) لا بد للمجهز من أن تصدق في غرفة التجارة في بلد المنشأ. ثم ترسل للملحقية التجارية العراقية هناك لتأييد الوثائق في أعلاه.
ومن المؤكد أن الملحقية التجارية تعلم جيداً من أن التأخير أثناء المصادقة أفات كثيرة. وهي أولاً أن التاجر المستورد (العراقي) يدفع كلفة إضافية عن كل يوم تأخير بعد إيصاله الوثائق إلى الملحقية التجارية. وهذه الكلفة كما معلوم لا يدفعها التاجر دفعاً للبلاء بل يعكسها طبعاً على الكلفة. إضافة إلى أنها مدفوعة بالعملة الصعبة ليس لها سبب معقول غير البيروقراطية ولا أعذار.
وبما أننا بلد مستورد من الطراز الأول وأكثر استيرادنا طبعاً استهلاكياً يمتد من قدح ماء الشرب إلى ملايين الأطنان من الحبوب بأنواعها مروراً بالسلع المستوردة رديئة المواصفة ومع ذلك تنفذ إلينا عبر منافذنا. هل مجرد إهمال أم عدم وجود مواصفة أم غياب الشركة المتعهدة الأجنبية الفاحصة أم فساد؟ الله أعلم.
وكنتيجة لهذه الاحتمالات فإن غذاءنا أيضاً يمر عبر هذه المنافذ وله نصيبه من التأخير باسم الفحص للوثائق الأربعة والسيطرة النوعية أن وجدت فأيضاً تأكل هذه المدة في جرف النفاذية كما أكلت فترة التأخير في ملحقياتنا. وما لذلك من أثر عندما يكون المستورد في الخانة الضيقة وما يمارسه لإخراج البضاعة وعمليات الإفساد التي أصبحت غنيمة ولذلك نسمع عن تلاعب في "الاكسباير" ورفع (ليبل) المواصفة إن وجدت وما يترتب على ذلك بعدها من سوء خزن سواء في المخزن الرئيسي أم في معارض ودكاكين المفرد.
لذلك نلاحظ أن التأخير في الملحقيات تترتب عليه هزات ارتدادية يدفع ثمنها العراق كعملة صعبة والمواطن أما من صحته أو جيبه في حالة رفع السعر.
هذا بالإضافة إلى أن الشح في الاستيراد ربما يتقاطع مع منع الذبح حسب موسمها أو منع الصيد أو لأسباب أخرى كمشاكل الهلاكات والأوبئة الانتقالية وغيرها. مما يؤدي لرفع الكلف على ذوي الدخل المحدود والفقراء أولاً وإذا ترفع الأسعار فإن بدائل سوف تشغل المكان بيع اللحوم النافذة فترتها بأسعار بخسة مالياً مكلفة صحياً .
ولا يفوتنا أن الرقابة الصحية شبه غائبة في متابعة المعروض السلعي الغذائي وإن وجدت فأمرها معروف وما تتعرض له من إغراءات ونحن نعيش حالات فساد يجب أن لا تغيب عن بال المسؤولين في الخارجية والصحة والتخطيط والسلطتين الرابعة والخامسة عندما يكون كلامهم مسموعاً.
ولذلك نخشى على الملحقيات التجارية من أن يفتك بهم فايروس البيروقراطية أو الفساد لا سمح الله. حيث لا حظنا أيضاً مشكلة معاملات صحة الصدور في الدائرة القنصلية في بغداد وتعاملها مع ملحقياتنا في الخارج وما يعاني الناس من مراجعات وتأخير رغم أنف البريد الالكتروني المزعوم.