لا نعرف لماذا تأخر المالكي في إصدار أوامر بالعفو عن مئات السجناء؟ لماذا أنكر ومقربوه في بادئ الامر وجود سجينات دون محاكمة ليقرر في النهاية إصدار عفو خاص عنهن؟ لماذا اصبح المخبر السري معيبا في نظر الحكومة ويجب استئصاله؟ مادامت هذه القرارات مشروعة ويمكن ان تصدر بهذه البساطة، لماذا اذن هدد المقربون وتوعدوا لكل من يفتح فمه مطالبا بالنظر في قضية المعتقلين؟ بالأمس فقط قالوا ان الحديث عن وجود مئات السجينات ضرب من الخيال واخذ جهابذة دولة القانون يشتمون الاعلام ويتهمونه بتنفيذ اجندات أجنبية، وان قصص المعتقلات كما اخبرنا احد النواب هي من خيال مجموعة من المتآمرين الذين يريدون الخراب لهذه البلاد.. واليوم نراهم وبنفس الحماسة يهللون ويزمرون لقرار المالكي بإصدار عفو خاص عن السجينات، وإلغاء ما سمي بالمخبر السري.. فمنذ صباح الأمس والمواقع القريبة من رئيس الحكومة تتغنى بهذا القرار وتضعه في صدر صفحاتها حيث جاء فيه: "وافق رئيس الوزراء نوري المالكي على شمول جميع النساء المعتقلات، بدون استثناء، على اطلاق سراحهن ضمن طلب العفو الخاص، الى جانب ايقاف العمل بجميع مذكرات الاعتقال بالنسبة للمخبر السري".
لماذا قالوا لنا في البداية ان هذه المطالب غير مشروعة؟ وإنها تمس مؤسسات الدولة؟ وان تنفيذها خط احمر؟ فلماذا يصبح مصير البلاد معلقا بقرار خاص من رئيس الوزراء حصرا وكأننا لا نريد أن نغادر عصر المكرمات والهبات والمنح والعطايا وأيضا العفو الخاص؟ لماذا يصر المالكي أن يسوق لنفسه وكتلته من خلال افتعال الأزمات.. سيقول البعض وما المانع في أن يسوق السياسي لنفسه.. المانع في نظر الدول المحترمة ان هذا تسويق يسير على خطى النظم المستبدة التي تصر على ان مفاتيح البلاد بيد شخص واحد حصرا، ودعونا نتساءل لماذا لا تتغير النظرة الى الشعب الذي يعتقد قادتنا الافاضل انه مجرد قطيع لابد من ترويضه؟ للاسف لم نجد المالكي ومقربيه قد اصابهم الجزع وهم يشاهدون قوات الجيش تطلق النار على المتظاهرين.. لم يسألوا انفسهم لماذا يقتل المواطن بدم بارد.. لماذا في كل حديث عن الاصلاح يهددون الناس بفزاعة الحرب الطائفية، لماذا يحشدون القطعات العسكرية في مواجهة ابناء الشعب.. ويعيدون الى اسماعنا نفس الجمل والهتافات التي قيلت من قبل وكانت السبب في خراب البلاد، لماذا لا نجد في برنامج المالكي قضايا صغيرة عن الفقر والحرمان وكرامة البشر.. فيما تمتلئ خطبه بالكوارث "الماحقة والحالقة" كما اخبرنا قبل يومين.
يكتب عبد الرحمن الكواكبي أن "أخوف ما يخافه المستبدون هي أن يعرف الناس حقيقة أن الحرية افضل من الحياة، وان يعرفوا النفس وعزها والشرف وعظمته والحقوق وحقظها والظلم وكيف يرفع، والانسانية وما هي وظائفها والرحمة وما هي لذاتها" ويرى الكواكبي ان الاستبداد هو اساس الفساد، وإذ نعود الى الازمة الاخيرة التي تضرب البلاد وتهدد بحروب وشحن طائفي، نرى ان السبب الرئيس فيها هو فساد القضاء وفساد الحكومة، وحين يجتمع الفسادان تفقد الناس ثقتها في كل شيء ويسهل على المسؤول ان يزور ارادة الناس وامالهم وطموحاتهم.. والان دعونا نتساءل كيف ننجو من هذا الجو الطائفي المشحون بالمصالح والمطالب الحزبية..؟ كيف نغادر عصر السيطرة على مفاصل الدولة..؟ الحل في ان يدافع كل عراقي عن قيمة مواطنته لا قيمة طائفته امام كل محاولات التسلط ومسح الهوية الوطنية للعراقيين، واستبدالها بلافتات الاحزاب والطوائف.. اذا لم يحترم كل عراقي حقه في حياة محترمة وكريمة فان كرامته وادميته ستهان كل يوم، انها خطة المواجهة اذا اكتفينا فيها بالشكوى ورفع راية اليأس فستنتصر أسراب الطائفية.. وتغطي رياح الفتنة كل مفاصل حياتنا وتبلعنا صحراء سياسيي الصدفة.
اليوم نجد الجميع يتناوب على افتراس حق المواطنة عند الناس، واشعال النار في البلاد من اجل ان يتدفأ هو وجماعته، وفي أجواء شديدة القتامة والبؤس فمن الطبيعي ان يخرج علينا من يحذر من الوقوف في وجه السلطة، لان الطريق الاخر سيؤدي حتما الى الفوضى.. انها الدولة التي يريدون ان يبنوها فوق احلام وامال العراقيين.. يعتقدون ان الخلاف مع السلطة ليس اختلافا مع اشخاص يصيبون ويخطئون.. لكنه سيكون خلافا مع الدولة بكل سلطاتها .
المالكي ومن معه يتصورون اننا ما زلنا أسرى حرب المظلوميات.. وان الحل في ان نتجنب مواجهة الحاكم خوفاً من ان تطيح بنا "الماحقة" وتشتتنا "الحالقة".
عندما يحذرنا المالكي من "الحالقة"
[post-views]
نشر في: 29 يناير, 2013: 08:00 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 3
المشتكي لله
الف رحمه على روح والدك ياكاتب المقال
محمد ابن العراق
إن الحالقة الحقيقية وجود هؤلاء الاقزام عقلاً وفكراً و رؤيةً في غفلة من تأريخ سافل على سدّة الحكم ,,, وإن الماحقة الحقيقية لهذا التأريخ أن نجد من لايجد سوى الطائفية والمظلومية الكاذبة متكأً مازال يستحضره في كل ظلامة يرتكبها وكل موبقةٍ يعصيها بحق الله ورسله
ALI ALSAFFAR
اخي العزيز كاتب المقال تحياتي لك ولكل القراءكل ماقلته صحيح ولكن لم تتحدث بالعموم لا اريد ان اطيل عليك لم تتحدث عن دكتاتورية او امبراطورية مسعود البرزاني هذا واحد اثنان لم تتحدث عن طائفية بعض او بالاحرى جميع السياسين او ما يسمى الكتل التي صعدت الى سدة ال