ما يؤخذ على الإعلام عموماً أنه يفتش عن مندبة. ولكن الخبر الذي نشرته ( المدى برس ) يوم 29/1/2013 يدعو للتفاؤل الشديد إذا ما وفقت إدارة محافظة واسط . ونحن نعيش أجواء الإحباط في مشاريع ورؤى تثير الذعر كما تمثلت في تظاهرات الموصل والأنبار وصلاح الدين.
المشروع المعلن عنه يكاد يكون هو المطلوب في هذه المرحلة الانتقالية الملتبسة ويشكل أحد أهم أركان أسباب الالتباس وهو معالجة السكن بحكمة بحيث يتحول إلى بلسم لجراحات تراكمت.
أن المشروع من المشاريع واطئة الكلفة ويتكون من (700) وحدة سكنية وينجز في ستة أشهر والأكثر فرحاً وطرباً أن 60% من المشروع تنفذه وزارة الصناعة المتمثلة بشركة الرضوان. وهذا يعكس صحوة للصناعة قبل أن يدثرها الإهمال وسياسة الكيانات والخصخصة ذات المأرب.
كما أن المشروع زهيد الكلفة قياساً لمجمعات أخرى.
وأن شركة الكرامة أيضاً نفضت الغبار عن نفسها ببناء ملعب الكوت وهكذا المعهد المتخصص للصناعات الهندسية في تنفيذ مشروع المجاري بكلفة خمسين مليارا. إنها فعلاً فرحة إذا سلمت من الأيدي القذرة وقاها الله شرهم ويتوج هذا وذاك هو أنه للفقراء حصراً .
فهذا النموذج ليس لأن الكوت لديها بترو دولارات لأن غيرها لديهم أكثر وليس لأنها مستقرة قياساً لمحافظات أخرى لأنه يوجد محافظات أكثر استقراراً. كما أنها ليس لديها سياحة دينية أسبوعية وشهرية وموسمية وسنوية. كما أن نوابها لا يختلفون عن غيرهم من نواب البرلمان والذي يفرقهم أكثر من الذي يجمعهم.
ألم يكن هذا المشروع رسالة للاستثمار المركزي واستثمار المحافظات أن يتقدم كل منهم بمثل هذا المشروع الرائد. حيث أن مثل هذا المشروع له صدى إيجابي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً. فهو ليس مجرد مكرمة عابرة في ظرف استثنائي لا تغني ولا تسمن من جوع ولا عملية ترقيع كما أن الكوت ربما أقل نظيراتها من حيث مشكلة السكن إذ من المؤكد أن بغداد وكربلاء والنجف والقادسية و بابل وصلاح الدين تأتي أولاً من حيث الحاجة الى وحدات سكنية للفقراء ومحدودي الدخل .
هل المشكلة في التمويل ونحن نملك عدا العملاقين الرافدين والرشيد وصندوق الإسكان وثلاثين مصرفاً أهلياً (ربوياً وإسلامياً) التي لحد الآن لم يحدد دورها بالضبط فالقانون (رقم 94 لسنة 2004) ما زال ملتبساً على المعنيين. حيث ما زالت هذه المصارف لم تلعب دوراً تنموياً لا الإسلامية ولا الربوية التقليدية، إذن كيف تمارس عملها، لا شك أنها تعتاش على شراء العملة كما تسرب من مشكلة بيع العملة الأجنبية. وهذه المصارف متهمة بالموضوع كثيراً كونه الأكثر جدوى اقتصادية بحيث أصبح البيع بشكل مباشر في أبواب المصارف المذكورة.
والنشطة منها تمول أقساط السيارات لا شك أنها لا تعمل وحدها بدون مساند أي لا تنطق عن الهوى بل هناك قوى الاقتصاد العميقة سياسياً وراءهم، لأن عملية تمويل الإسكان قياساً لتجارة العملة يعتبر أقل مردوداً.
فالحكومة غير قادرة عملياً على البناء بدون القطاع الخاص والاستثمار وهذان لهما مشاكلهما وأهمها المال.
فالأول كمصارف أهلية لحد الآن انتهازي والأجنبي لا تشجعه الاضطرابات، ولم يبق لنا سوى أموال الأوقاف الثلاثة وليس هناك أفرض من حيث الأولوية من فقراء السكن فأين هم والأمر يتفاقم؟