في بار يقع في منطقة الباب الشرقي مقابل حديقة الأمة ، غير خاضع للرقابة الصحية والسياحية ، وليس بين رواده من رجال أمن السلطة في بداية عقد السبعينات ، أعلن أحدهم تنصيب نفسه رئيسا على البار ، وطلب من الحاضرين إعلان الولاء والبيعة ، وتقديم فروض الطاعة ، وأول قرار اتخذه تعيين شخص يحمل" سكين تكريب نخل" بمنصب وزير الدفاع ، ليكون الذراع العسكرية لتنفيذ القرارات السياسية ، الصادرة من الرئيس ، أما القرار الثاني فكان لصالح الرعية بمنح جميع الأشخاص الذين شهدوا حفل تنصيب الرئيس نص ربع "عرق عوازة "مكرمة سخية للتعبير عن توطيد الثقة بين القيادة والجماهير .
صاحب البار ترك الزبائن يواصلون لعبتهم متحملا الأضرار المادية ، وهو يعلم بأنهم في اليوم الثاني سيندمون على فعلتهم ، بالقضاء على صحون المزة من دون حساب وكتاب ، وتناول المشروب بلاش ، وفي حال استمرارهم في تشويه سمعة البار وجره إلى معترك سياسي ، ومواجهة محتملة مع الحكومة ، سيستعين بأي رجل شرطة من المارة بمبلغ ثلاثة دراهم وباكيت جكاير ، ينفذ انقلابا للإطاحة بالرئيس ، وحجز ممتلكاته المنقولة المحفوظة بجيبه تعويضا عن الخسائر التي ألحقها بالبار ، أما عقوبة وزير الدفاع فستكون بمصادرة سكين تكريب النخل ، وبعد هذه الإجراءات الفورية السريعة يستتب الأمن ، وجيب جاجيك لعمك وزير الحربية .صاحب البار رسم خطته للتخلص من مهزلة "رئيسكم هذا المساء " وحدد موعد تنفيذها في اليوم التالي ، وفي الساعات الأولى من المساء ، وأثناء دخول الرواد من مؤيدي وأنصار الرئيس إلى البار شعر بعضهم بأن الأجواء غير مريحة وتنذر بعواقب غير سليمة ، وفي لحظات التردد ، دخل الرئيس وخلفه وزير دفاعه ، ومعهما مجموعة من الرجال مفتولي العضلات ، يحملون العصي ، و"هنكلاين" بأحجام مختلفة ، وبحركة سريعة خاطفة انتشروا في زوايا البار ، وأمروا صاحبه بتنفيذ أوامرهم ، فكانت سهرة ثانية ، حتى الصباح على شرف الرئيس.
في الصباح توجه صاحب البار إلى أقرب مركز للشرطة لإنقاذه من مشاكسات زبائنه وخصوصا الرئيس الذي صدق أكذوبة انه تولى اكبر منصب في الدولة ، وأخذ يتصرف مثل الرؤساء ، وبين لحظة وأخرى يصدر الأوامر والقرارات ، ويتلو الخطابات ، ويجبر الحاضرين على بترديد أغاني وأهازيج المديح ، "وهلا بيك هلا وبمزتك هلا ". وحين انتهى الرجل من حديثه أخبره المفوض المكلف بتدوين الأقوال ، أنت مخالف القانون ، لا إجازة صحية ولا سياحية ، ولم تتعامل مع رجال الأمن السريين حتى يحموا البار ، وينقذوك من ألاعيب السكارى ، والمشكلة الكبرى انك تسترت على جريمة خيانة الحزب والثورة عندما تأخرت بإيصال المعلومات إلى الجهات المعنية حول تنفيذ مخطط تآمري ، ووسط ذهول صاحب البار ، ودفعه المقسوم للتخلص من المأزق ، توصل إلى حقيقة أنه السبب في إعلان تنصيب الرئيس ، وتعيين أبو سكينة تكريب النخل وزيرا للدفاع . وجيب نص ربع عرك لعمك الرئيس لفشله في الاحتفاظ بمنصبه لثلاث ليال متوالية .