TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حتى إشعار آخر!

حتى إشعار آخر!

نشر في: 1 فبراير, 2013: 08:00 م

حين أعلن رسميا عن إطلاق سراح المئات من السجينات والموقوفات، اللواتي عوقبن بجريرة الغير (الابن، الأب، الزوج، ..إلخ) تراءى للمعنيين بشؤون القانون، مدى عبثية المشهد.  فعبر قرار وشطحة قلم، تساق المئات من النساء كرهائن، بقيد صارم وشرط أكثر صرامة، وبلحظة تجل وانصياع وشخطة قلم، يطلق سراحهن دون قيد أو شرط... أية مفارقة؟
انتبه المشرع – في معظم القوانين الوضعية – أكاد أقول كلها باستثناء قوانين الغابة – لمبدأ إنساني، أخلاقي، ينص على مبدأ شخصية العقوبة حيثما وجدت الحاجة لإيراده،،، شخصية العقوبة تعني أن لا يؤاخد بجريرة العمل المشين - جناية أو جنحة، أو مخالفة - سوى من ارتكب العمل، في حالات قليلة يؤاخذ أيضا من حرض على الفعل وهيأ الظروف لارتكابه... يعني: أن لا تحاكم الأم بجريرة ابنها السارق، ولا يساق الأب للمقصلة لأن ابنه قاتل، .. المبدأ ساري المفعول في تطبيقات القانون، ولا يجوز تجاوزه إلا في حالات فريدة، كأن يكون الأب محرضا أساسيا، أو أن الفعل الشائن جرى بتشجيع الأم ومباركتها.
أي ظلم وحيف يحيق بالمرأة المنكوبة بفعل زوجها أو ابنها، يقبض عليها غير متلبسة بفعل مخالف للقانون، تساق - مذعنة - كالشاة، وتدعى للكشف عمن هرب أو تخفى منهم؟ وماذا يتوقع من أم أو أخت أو ابنة أو زوجة من ردة الفعل؟ وهل سيدلين بمعلومات تقود (الشرطي) للقبض على زوجها أو فلذة كبدها.
 عدد السجينات الموقوفات أو المسجونات بجريرة رجال العائلة - المعلن رسميا -  رقم مأساوي مخيف، يخز عيون كل  بريء يتحسب من أخذه رهينة بجريرة الغير.. تبقى كلمة منصفة في هذا الشأن، فالدولة كونها حامية المواطن، ودرعه الواقي من عسف وحيف وظلم وانتهاك، ولأن الوضع الأمني مشروخ ومخترق، فلا أقل من الاحتماء بجهاز قضائي كفوء، وكادر مؤهل، وحكام تحقيق لا تشوب أحكامهم شائبة ، يميزون بين الاعتراف الطوعي  والاعتراف تحت براثن التهديد وضرب السياط.  
إعادة الاعتبار لمبدأ شخصية العقوبة، تكريما لأعرق شريعة مدونة عرفها التاريخ.. وإعادة الاعتبار لهيبة دولة، تتباهى في كل حين إنها دولة القانون.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram