TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سلطة نعيم الرابعة

سلطة نعيم الرابعة

نشر في: 2 فبراير, 2013: 08:00 م

علاقة نعيم  بالعمل  الإعلامي  لا تتعدى أنه  كان أحد منتسبي شعبة التنضيد في إحدى صحف النظام السابق ،  يبدأ عمله  مساء وحتى طبع الجريدة ،  متفرغا لعمل آخر في النهار ليسدد نفقات أسرته ،  ودفع بدل الإيجار الشهري لمنزله الواقع في ضواحي العاصمة ،   ونظراً لظروفه المعيشية الصعبة بوصفه احد ضحايا الحصار الجائر ، حصل على امتياز من الإدارة  بمنحه 20 نسخة من الجريدة لغرض بيعها والتصرف  بثمنها ، وهذا الامتياز جعله يتشبث بعمله المسائي ،   ولنبله  ، وهدوئه ، وكبر سنه قياسا  بزملائه الآخرين  احتفظ بعلاقات طيبة مع الجميع  فكان موضع احترام وتقدير ، وكل هذا الصفات لم تبدد النظرة له بأنه عنصر خطير جدا في الجريدة ، وسبب في حصول كارثة  سياسية ، وكان العاملون معه وخصوصا في قسم التصحيح يستنفرون كل الجهود خشية الوقوع في خطا فادح ارتكبه  نعيم سهوا ، وخارج إرادته .
عندما ينتهي العمل مع نعيم يستذكر زملاؤه في اليوم التالي  كوارثه ، ويحمدون الله ويشكرونه أنها لم تظهر في الجريدة ، تم تجاوزها وتصحيحها في الوقت الحرج ، وقبل الطبع بدقائق ، فهو عندما يباشر بتنضيد المادة  ، سواء كانت برقية مرفوعة من تجمع  عشائري إلى القيادة أو  مقالة لأحد الكتاب السياسيين  يخرج نعيم عن النص ويضيف ما تختزنه ذاكرته من كلمات وأقوال وعبارات جاهزة  منطبعة في مخيلته ، ومن هنا تبدأ الكارثة ، وعلى المصحح  أن يسعف  الموقف بمطابقة المادة المطبوعة مع المسودة الأصلية ، وتلك المهمة ليست سهلة ، وتصلح أن تكون تهمة للمنضد  بتشويه  أفكار الحزب ، والنيل من منجزات الثورة  .
في بعض الأحيان  تمر أخطاء نعيم في بعض المواد  من دون إثارة مشاكل لأنها ليست ذات طابع سياسي ،  ولكنها تدفع كتابها للاعتراض والاتصال  برئيس التحرير للاستفسار عن تشويه مقال  ، وهذا ما حصل مع مؤرخ تناول حادثة  حصار الكوت ،وبعد كلمة حصار أضاف نعيم  مفردات الجائر المفروض على العراق ،   وبالتفاف أبناء الأمة حول القيادة سيحقق العراقيون نصرهم الناجز تحت راية الله أكبر  ، كاتب المادة  استسلم للأمر ،  وتخلى عن السؤال والاستفسار عندما علم أن  الخطا مطبعي غير مقصود ، لكن نعيم ومعه المصحح   نالا من مدير التحرير التوبيخ والتحذير ، والتلويح بعقوبة اشد في حال تكرار الخطأ .
بقية الأخطاء ليس من المناسب  الإشارة إليها هذه الأيام،  خوفا على المنضد نعيم من اتهامه بالوقوف وراء الأزمة الراهنة ، لأنه أمضى أكثر من نصف عمره ينضد أسماء مسؤولين  و شخصيات  وقياديين بعثيين مشمولين بقانون المساءلة والعدالة ، وكل ما حصل عليه من امتياز بيع عشرين جريدة لشراء باكيت جكاير سومر أبو الجيس .
زملاء نعيم المعجبون  بمشاكساته غير الإرادية كانوا  يعتقدون بأنه صاحب سلطة رابعة خاصة به ، في نظام شمولي ، لم تتوفر له الظروف الموضوعية لتطويرها وتسخيرها ، لغياب حرية التعبير ، وفرض سلطة الرقيب ، ونصيحة لمن يريد مواجهة الإعلام المضاد هذه الأيام  عليه أن يبحث عن نعيم  للإفادة من خبراته السابقة،  لدحر مخطط إقليمي يستهدف النظام الديمقراطي .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram