TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مؤسس الانطباعية الألمانية ماكس ليبرمان

مؤسس الانطباعية الألمانية ماكس ليبرمان

نشر في: 5 فبراير, 2013: 08:00 م

كرّست صالة الفن الحديث في بريمن معرضها الأخير للرسام الانطباعي الألماني ماكس ليبرمان، قبل أن تبدأ في الترميمات الكبيرة التي على كان الصالة التاريخية أن تمر بها. عن طريق هذا المعرض أرادت الصالة التذكير بمؤسسها غوستاف بأول الذي امتلك حدساً قوياً لمستقبل فن الانطباعيين الفرنسيين الذين لم يكونوا معروفين آنذاك، وليشتري لوحاتهم في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، رغم اعتراض نقاد الفن الألمان المحافظين والذين كانوا بشكل عام ضد دخول أي فن غريب. في تلك الفترة أيضاً تعرف بأول على ليبرمان واشترى الكثير من لوحاته.

الرسام الألماني ماكس ليبيرمان (1874 حتى 1935)،  ابن العائلة البورجوازية كبيرة، إذ كان أبوه يملك مصنعاً للقماش، كان في الشتاء يعيش في برلين في بيت أهله، فيما كان يذهب في الصيف إلى هولندا ليقيم ويرسم طوال الفصل هناك. بعد دراسته في فايمار ذهب إلى باريس التي كانت عاصمة الفن آنذاك، مثلما لم ينقطع عن زيارة ميونيخ التي كانت تحاول اللحاق بالمشهد الباريسي. ماكس ليبرمان المعروف برزانته، كان صاحب نكتة، وكان مواطناً بروسياً عالمي النزعة وحسب قناعاته، فإنه يعتبر نفسه:" البورجوازي الكامل"، في عاداته اليومية؛ بالإضافة إلى ذلك كان ممثلاً نموذجياً للحقيقة الجرمانية القديمة التي تقول، بأن الحياة هي ليست غير مثابرة وعمل: "أنا أأكل، اشرب، أنام، أذهب للتنزه وأشتغل بانضباط ساعة برج... أعتقد أن ليس هناك فناناً مثلي أكثر صعوبة مني في الكتابة عنه، وهذا يبدو لي أحد فضائل فني. طبعاً، من السهل الكتابة عن ذلك الفنان الذي يذهب كل سنة مع امرأة جديدة أو ينطرح كل مساء على الطريق أو ذلك الذي يدعي العبقرية." ليبرمان يوحي لنا أن حياته تسير وفق إيقاع آخر، وأنه لا يحتاج إلى هذه الصفات البوهيمية التي اشتهر الانطباعيون الفرنسيون بها، لأن فنه هو الذي يتحدث عنه. لكنه لا يدري أنه يقع في نفس الشرك: إدعاء العبقرية، ففي جملته يُخفي أيضاً فكرة اختلافه عن الانطباعيين الفرنسيين، واتهامه لهم، وكأن بوهيميتهم مفتعلة. ولكن بغض النظر عن ذلك التقييم الشخصي، فإنه ذهب إلى باريس وحاول العيش معهم، وربما عدم تمكنه هو البروسي ابن العائلة البورجوازية من التكيف مع حياة الفنانين الباريسيين جعله يقول ذلك، إذ بالفعل ظل هو الواقعي ـ الضد أكاديمي الذي يبدع فنه بواسطة أشكال لغة حقيقة حديثة وحرة. هذا يعني: حضور إنساني حسي، تفاصيل حيوية للضوء والهواء والطبيعة؛ المبادئ الأساسية التي تستند عليها الانطباعية، "الرسم ليس أكثر من تقليد ذاتي للطبيعة، لهذا السبب "أن موضوع لوحة هو فقط مهم باعتباره يُظهر لنا شعور الفنان"، كما كتب في رسالة له إلى مدير متحف بريمن آنذاك باول.ليبرمان الذي عُرض في بريمن للمرة الأولى مع الرسائل التي تبادلها مع مدير المتحف في كاتالوج جميل، ومع 166 عمل للفنان بين تخطيط بالباستيل والفحم والطباشير، فقط 72 منها لوحة زيتية.

ومن يرى لوحات ليبرمان في المعرض، سيصبح من المؤكد له، أن ليبرمان وبالرغم من ميله للرسم الفرنسي، لم يكن فان كوخ في رسمه. كان مشبعاً بالواقعية البرلينية للقرن التاسع عشر، وكان أكثر بساطة من الفرنسيين في أهدافه مثلما في شكله الفني. "ليبرمان عين إنسانية تستطيع رسم المُتخيل في الآتيلية حتى لو عُصبت"، كما جاء في البروسبيكت، أنه نشط بصورة مرنة و"يحصل أحياناً على التجارب الحسية المنظورة بوضوح لدرجة أنه يملك الانطباع"، أنه يطأ دائماً "حقولاً لولبية"، حينها ينفعل ليبرمان بجلاء أمام الناس والطبيعة و"يرسم بانفتاح وانشراح مشاهد تبدو أجواؤها قريبة لأجواء الانطباعيين الفرنسيين".

كان ليبرمان يحب الانطباعيين الفرنسيين، وأحاط نفسه بلوحاتهم، خاصة لوحات مانية وديغاس. مع ذلك لم يستطع تتبع نظرية الانطباعية الفرنسية

:"هل تعرف، أن تفكيك الألوان عبث مجرد. لقد رأيت ذلك مرة أخرى، أن الطبيعة هي بسيطة ورمادية"، كتب إلى مدير المتحف باول، ربما فاته أنه يتحدث عن "طبيعته" الألمانية، والفرنسيين كانوا مأخوذين بنداء ألوان الجنوب الفرنسي المليئة بالضوء.

يتبع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram