في موسم تجدد الحديث عن الاجتثاث بكل أنواعه وأصنافه وأشكاله ، وصدور تصريحات من مسؤولين ، بأن الإجراءات الحكومية وصلت إلى مراحل متقدمة في اجتثاث الإرهاب ، بفعل الضربات الاستباقية لحواضن الإرهابيين والجهات الداعمة لهم من الداخل والخارج ، وفيما أبدى مسؤولون محليون في محافظات وسط وجنوبي العراق استمرار عملياتهم لاجتثاث الغناء والموسيقى ، وتحريم النحت والرسم والتمثيل لأنها رجس من عمل الشيطان ، حفاظا على السلامة الفكرية لأبناء المجتمع وخاصة شريحة الشباب ، في هذه الأجواء الاجتثاثية طالب أهالي مدينة بعقوبة برفع صور المسؤولين الحكوميين من التقاطعات والأحياء السكنية وسيطرات الشرطة ، والانضباطية الذين تخلصوا من اجتثاث الفرارية بعد إلغاء العمل بنظام الخدمة العسكرية الإلزامية أي التجنيد الإجباري .
الدعوات لرفع صور المسؤولين والقادة السياسيين سبق أن تبناها إعلاميون ومنظمات مجتمع مدني ، وشجعت حمى الاجتثاث المنتشرة هذه الأيام مثل الانفلونزا الوبائية أهالي محافظة ديالى وغيرهم على تنفيذ مطالبهم باجتثاث الصور ، فهي من وجهة نظرهم لا فائدة منها سوى إثارة المشاكل ، وصور الأمس كانت بالملايين ، وبدقائق أزيحت ، واجتثت بقرار شعبي ، بعد أن جثمت على الصدور عشرات السنين ، وصور اليوم المنتشرة في الأماكن العامة ، ربما وضعت بالقوة ، ومن دون الحصول على موافقات أصولية من جهات رسمية ، ووسط غياب الإجراءات والضوابط والخشية من الخوض في هذا الموضوع ، دعا مسؤول إعلامي في أمانة بغداد الجهات المصرة على الترويج لزعمائها وقادتها تجنب تشويه "المنظر الجمالي" للمدينة ، مشيرا إلى إجراء تنسيق مع المفوضية العليا للانتخابات لاعتماد "الوسائل الحضارية " في الدعاية الانتخابية للمرشحين .
التصريح الخجول من المسؤول لم يشر إلى دور الأمانة في "اجتثاث الصور" لأن القضية من وجهة نظره قد تطول أحزابا وقوى مشاركة في الحكومة ، تمتلك قواعد شعبية تعتقد بأن رموزها وقادتها ، ستحقق آمال الشعب العراقي بعد تجاوز الأزمات السياسية المستعصية بإذن الله وبجهود الوسطاء من الحكماء وزعماء العشائر والمحللين السياسيين أصحاب نظرية "وضع الركعة بصف البنجر" المعتمدين في أكثر من فضائية للحديث عن المخاطر والتحديات التي تواجه العملية السياسية ، باتخاذ المزيد من إجراءات الاجتثاث بحق من ينتقد الأداء الحكومي ، ويعرقل خطوات تنفيذ البرامج التنموية .
نهاية العام الماضي تعرض صاحب عربانة لبيع اللبلبي في حي الجهاد بجانب الكرخ للاعتقال لأنه وضع عربته قرب صورة تعرضت لأضرار من قبل مجهولين ، والرجل يحمل شهادة جامعية ، لم يسعفه الحظ في الحصول على وظيفة حكومية ، وبعد أن أمضى أسبوعين في التوقيف ، قرر التخلي عن "بيع اللبلبي" لاتهامه بتوفير" المزة " لشاربي المنكر وعدم احترامه صاحب الصورة ، واتجه لبيع "الشلغم " في ساحة عامة بحي العامرية ،واختياره بيع الشلغم ألحق به أضرارا مادية انعكست على دخله اليومي ، عندما فقد الكثير من الزبائن رافضي قرار "اجتثاث اللبلبي " وإلغاء حضوره كعنصر مهم بين صحون المزة .