TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > المــــــــــلاك ود. شتتــــــــــي

المــــــــــلاك ود. شتتــــــــــي

نشر في: 6 فبراير, 2013: 08:00 م

أحمد الصراف في مواجهة كل خطابات الكراهية وشعارات رفض الآخر، كتب لي القارئ ن. الملاك يقول إنه كان في زيارة عمل لمدينة بنغالور الهندية، عاصمة التقنيات الدقيقة والعالية في الهند، وهناك سمع، عن طريق الصدفة، بوصول 25 طفلاً عراقياً، تتراوح أعمارهم بي

أحمد الصراف

 في مواجهة كل خطابات الكراهية وشعارات رفض الآخر، كتب لي القارئ ن. الملاك يقول إنه كان في زيارة عمل لمدينة بنغالور الهندية، عاصمة التقنيات الدقيقة والعالية في الهند، وهناك سمع، عن طريق الصدفة، بوصول 25 طفلاً عراقياً، تتراوح أعمارهم بين السنتين والثماني سنوات لمستشفى الدكتور «شتتي» لجراحة أمراض القلب. وقال إنه قرر، انطلاقاً من حسه الإنساني والوطني، زيارة المستشفى، بالرغم من كل ما سيعانيه بسبب طول وسوء حالة الطريق للمستشفى، للالتقاء بهؤلاء الأطفال وذويهم، وما أن وصل إلى هناك حتى شعر بأن الأمر كان يستحق كل ما تعرض له من مشقة، فقد نجح في رسم الكثير من البسمات على وجوه متعبة ومريضة تشعر بحنين لوطنها وأهلها، وبحاجة إلى التشجيع وبث الأمل فيهم، كما قام بالمساعدة في ترجمة متطلبات مرافقي الأطفال المرضى لإدارة المستشفى.
وقال الملاك إنه سعد كثيراً بلقاء مدير مشروع المستشفى الدكتور الكبير "دافي شتتي" Dr. Davi Shetty  الذي سبق أن كان طبيباً للأُم تريزا قبل رحيلها! ومن منطلق حسه الإنساني تبرع بعلاج قلوب أولئك الأطفال العراقيين دون مقابل. وقال الملاك إنه سعد جداً بلقاء ذلك الدكتور الذي كان يقوم بعمله بروحية لم ير مثلها، وعرف عنه أنه عادة ما يسأل مرضاه، أو ذويهم، عن ديانتهم، قبل إجراء العملية، فإن كان مسلماً بدأ العملية بالبسملة المعتادة، وإن كان مسيحياً يبدأ باسم الأب والابن والروح القدس، وإن كان من أي ديانة أخرى، حتى لو كان هندوسياً، أي معتقده هو، فلا يقول شيئاً، ويباشر العملية! ويقول إنه وجد في فناء المستشفى ثلاثة مبان صغيرة، الأول لمسجد، والثاني لكنيسة، والثالث لمعبد هندوسي! وإنه شاهد الكثير من موظفي أو زائري المستشفى يدخلون معبدهم ويخرجون منه وهم يبتسمون، ويلتقون في الفناء المشترك ويتصافحون بسلام ومودة وليس بينهم أيّ نوع من العداء أو الكراهية، وتساءل، وهو العراقي الذي أحرق التطرف الديني والطائفي قلب بلاده وقطع شرايين وطنه، تساؤلاً بحرقة، يا إلهي، أين نحن من هؤلاء البشر؟
لعلم الصديق الملاك فإن د. دافي (مواليد 1953) جراح قلب شهير، ونال تدريبه في مستشفى «غاي» العالمي في بريطانيا، وكانت أول عملية قلب له مع طفل لم يتجاوز الـ 9 أيام من عمره، انتقل بعدها إلى مدينة بنغالور الهندية في نهاية الثمانينات، وأسس مستشفى مانيبال الخيري، وقام والد زوجته، وهو طبيب عالمي معروف ويحمل الاسم نفسه، بتمويل عملية بناء المستشفى، الذي تم تأسيسه على فكرة أن في الإمكان إجراء عمليات قلب بأقل من تكاليفها الحالية العالية من خلال اتباع أساليب إدارة حديثة واستخدام أفضل للمعدات الطبية الغالية، وإطالة عمرها الافتراضي وتقليص النفقات. وقد لاقت فكرته المتمثلة في بناء مستشفيات عملاقة في جزر قريبة من الولايات المتحدة، وإجراء عمليات قلب فيها بربع كلفتها في أميركا، لاقت معارضة شديدة، وخلقت ضجة كبيرة. ويقول د. شتتي إنه بصدد جعل خدماتهم متوافرة في كل ركن من القارة الهندية! وهكذا نرى بشراً يعملون وينتجون ويخترعون ويقدمون مختلف الخدمات مجاناً لغيرهم، وأغلبنا يكتفي بالجلوس على مؤخرته، وشتم ولعن وتكفير العالم!

عن "القبس" الكويتية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram