دائما ما يطرح هذا السؤال المحير: متى يطمئن العراقيون إلى مستقبل بلادهم؟ متى يشعر الناس بأنهم شركاء في هذا الوطن وليسوا تابعين؟ متى يغادر سؤال الخوف على مصير البلاد من أذهان أبناء هذا الوطن؟ الجواب طبعا ليس عند أحد، لأننا نعيش في ظل ساسة ومسؤولين يرفضون وجود هذا الوطن معافى وصحيح البدن والنفس .. نواب وساسة يتقاضون رواتبهم من مواطن يعتبرونه مجرد مقيم يسعون إلى قيادته إلى هوة سحيقة.
مسؤولون لا يعرفون أن السياسة فكر وأن الحكم شراكة في الأحلام والنوايا الصادقة كما يقول شيخ المتسامحين فولتير، حين اعتبر السياسة حقا وخيرا ومعرفة وإنصاتا للآخر.
مسؤولون وسياسيون لم يحفظوا من قاموس السياسة سوى كلمة واحدة "الثأر" متناسين أن "الثأر" لا يبني أوطانا ولا مجتمعات حتى ولا "صريفة".. لماذا ؟ لأن الثأر يعني ببساطة أننا نعيش في مجتمع تحكمه مليشيات وزعماء طوائف لا زعماء سياسة.. الثأر ضد القانون، وأي مجتمع يصر قادته على اتباع أسلوب الثأر فهو مجتمع متخلف.. اليوم نرى العالم يتطور من حولنا لأنه حرّم كلمة الثأر في الخطاب السياسي.. تعلمنا كتب السياسة أن المواطنة الحقة ليست فخا تقوم بنصبه مجموعة ضد مجموعات أخرى.. يعلمنا إمام العدل علي بن أبي طالب درسا قيما في الترفع عن الضغائن حين يقول: "آلة الرياسة سعة الصدر" .
نظرة الى اللامتسامح، نجده، إنسانا عاجزا عن النقاش يفكر ويتكلم بمفرده دون أي حوار.، دائما تحركه أحكام سلبية.
معتاد على التعميم ولا يفعل شيئا سوى تقسيم العالم إلى "حق" و "باطل" ولديه إحساس بصواب لا حيدة عنه، يرغب دائما في الجهل...فهو لا يشعر بأي احتياج لتعلم أي شيء ممن لا يفكرون على شاكلته، يحاول فرض الحق الذي يعتقده على الآخر.. انظروا إلى وجوه العديد من سياسيينا وطبقوا عليهم هذه المقاييس ستجدون أن معظمهم لا يمكن أن يخرج عن معطف اللامتسامح.
روح الثأر لا تترك متسعا لمشاعر نبيلة أو متبصره.. فطبيعة الثأري أنه يلغي الآخر.. لذلك ينتقل معه الثأر في أي مكان يذهب إليه، تاركا خلفه الخراب ومخلفا خطبا وشعارات مليئة بالتعصب والجهل والتخلف والعشائرية.. عندما يفوز فريق سياسي على آخر في البلدان الديمقراطية الحقة.. لا يسعى الفائز إلى إلغاء الآخر وتاريخة .. فالفريق الفائز يعيش دائما في انتظار دوره لتسليم السلطة إلى فائز آخرـ وهو مطمئن أن لا أحد سيثأر منه ..
اليوم يريد منا منتفعو السياسة أن ندخل معهم في نفق جديد شعاره الثأر من الآخر.. من خلال سياسات وخطابات مضحكة من التقلبات في الولاءات والمواقف ، مصرين على أن يجعلوا الخطأ صحيحاً، والحق جريمة، يعدون ولا يفون، يبنون للناس قصورا من الرمال، لا يكترثون لحق، ولا يلتمسون لحقيقة، السياسة في عرفهم سعي محموم وراء الأطماع وتعاون مع الإثم وتحالف ضد الصدق، ثروتهم الضلالة، ، يحاربون بكل ما أوتوا من أجهزة قمع للدفاع عن قيم الاستبداد، وحكم الطوائف.
منتفعو سياسة يريدون أن يدخلوا البلاد مرحلة غير مسبوقة من ثقافة الثأر والضغينة .. فئة من النفعيين والوصوليين مجرد وجودها يمنع الهواء الصحي والنظيف عن العراق وأبنائه.. منتفعو سياسة لا يجدون مبررا إلى وجودهم إلا بإلغاء سواهم وتهميشهم .. مصرّين على أن يصنعوا منا شعبا مخدوعا .
اليوم أتمنى من كل قلبي أن نشيّع هذه الوجوه الكالحة لرافعي شعار اللاتسامح إلى مثواها الأخير، وأن يهدي الله هذا الشعب إلى اختيار مسؤولين تتوافر فيهم صفات الشهامة والمروءة والتسامح والسمعة الطيبة،مسؤولون يدافعون عن المواطن وليس عن مصالحهم الخاصة، ويحتمون بالحصانة الوظيفية ضد الفساد،لا أن يستثمروها.
أيها العراقيون لا تنتخبوهم ، فإذا بقينا نعيش معهم في بئر الثار العميق، فلن نخرج إلى النور أبدا وسوف نبقى نعيش في ظل كراهية لا تنتهي.. ونغرق في مزيد من المصطلحات التي تبرر إلغاء النسيج الاجتماعي للعراق والسعي لتقسيمه .. بعدما كان الخلاف على من يجلس على كرسي الحكم .
أيها العراقيون، يا أصحاب الدعوة لعراق بلا طائفية، أيها المنادون بحق العراقيين جميعاً بحياة كريمة، احذروا صولة اللامتسامحين على مستقبل بلادكم .
جميع التعليقات 4
رمزي الحيدر
لا أعرف ماذا تريد من العراقيين ,لمرات عديدة أخبرتك بأنهم نائمون ,أرجوك لا تزعجهم بمقالاتك.
محمد
اطلب من المفكرين والمثقفين ان يركزوا على نشر روح التسامح بين العراقيين لانها المفتاح لانقاذ هذا البلد المبتلى بحكومة تبث الفرفة بين ابناء الشعب ولا تخاف الله فيه
الدكتور احمد الشاطي
كيف يستطيع الشعب ان ينتخب وليس لديه قانونا للانتخابات فمهماحاول ان ينتخب الاصلح سيظهر لدينا امراء للكتل والطوائف اذا لا بد من تغيير هذه اللعبه التي لن تاتي الا بنواب العوازه كما سبق وان اسماهم احد النواب
كاطع جواد
في التسامح وإشاعة روح الأخوة والمواطنة ونبذ فكرة الثأر عوامل تسير بخط موازي للبناء والإعمار والديمقراطية الحقيقية وهذا لا يروق لساستنا لانهم يفقدوا الكراسي التي تربع عليها اغلبهم دون وجه حق للاسف الشديد لذا ما تريده يا استاذ علي صعب ولا يمكن تحقيقه على ال