يتهيأ المعرض الفني المقام في معهد هنري مور في ليدز، ليؤشر قرن النجاح الفني السنوي – عندما خرج دو شامب و ماتيس و بيكاسو بالفن الحديث من الاستوديوهات إلى الشوارع . يحتفل الفن بقرن مبهر. مع بزوغ العام الجديد ( 2013 ) و دخولنا إليه ، تكون قد
يتهيأ المعرض الفني المقام في معهد هنري مور في ليدز، ليؤشر قرن النجاح الفني السنوي – عندما خرج دو شامب و ماتيس و بيكاسو بالفن الحديث من الاستوديوهات إلى الشوارع .
يحتفل الفن بقرن مبهر. مع بزوغ العام الجديد ( 2013 ) و دخولنا إليه ، تكون قد مرت مئة عام منذ أن وضع مارسيل دو شامب عجلة دراجة فوق كرسي من الخشب مبتكرا العمل الجاهز؛ و منذ أن ظهر الجانب الأكثر راديكالية لدى هنري ماتيس بعد عودته من رحلة إلى المغرب ؛ و منذ أن قدّم معرض آرموري لأميركا أول انفجار للفن الحديث . كان عام 1913 عاما مجيدا للفن الحديث . و لم يستطع معرض ( 1913 : شكل الزمن ) الانتظار، لذلك بدأ حفلته السنوية بوقت مبكر. السبب معروف ؛ ففي 1913 كان معرض ( افانت غاردي ) في قمة الابتكار و الشجاعة و الخطر بعد سنوات الثورة الثقافية التي بدأت عام 1907، أي قبل ست سنوات من ذلك عندما رسم بابلو بيكاسو قنبلته القاتلة عن الفن الحديث ( لوحة آنسات آفينون ). يمكن القول انه في كل عام منذ 2007 تكون هناك ذكرى سنوية للحداثة – لأنه في كل عام منذ أن رسم بيكاسو تلك اللوحة كانت تجري اكتشافات فنية متغيرة . لماذا إذن كان عام 1913 متميزا ؟ لسبب واحد هو انه كان عام انفجار الفن الحديث في الثقافة الشعبية، العام الذي خرج فيه مؤيدو الحداثة من العمل كعلماء تجريبيين في مختبرات مغمورة في مورتمارتر ليصبحوا إرهابيين ثقافيين لهم سمعة دولية سيئة . عدد قليل فقط من الناس شاهدوا لوحة ( آنسات آفينون ) عام 1907 ، فقليلون كانوا يعرفون عن التكعيبية . في معرض آرموري الذي افتتح في نيويورك يوم 17 شباط 1913 ، روّعت لوحة مارسيل دو شامب (نزول السلالم عاريا) أميركا و دوختها. لم تعد فكرة الفن الحديث سرا، و إنما أصبحت من الأخبار الرئيسية .
كانت حركة المستقبل تحرض على ذلك النوع من العار منذ أن كتبت اف تي مارينيتي بيانها الأول في 1909 ، و كان ذلك هو قمة تألقها أيضا في عام 1913 لأن ذلك كان العام الذي نحت فيه الفنان آمبرتو بوكسيونو تمثاله ( أشكال فريدة من الاستمرارية في الفضاء ) – شكل يسير لكنه لا يبدو شكلا ماديا معروفا و إنما مجموعة من الموجات و التوابع التي تبين المكان و الزمان و هما ينفتلان مع اندفاع الأشكال في الكون .
هناك شيء عميق آخر بشأن عام 1913 . فمع تزايد شهرة الفن الحديث ازداد نطاقه الفكري. يزعم معرض ليدز أن النحاتين في هذا العام – الذي ازداد فيه العمق الفكري - كانوا يستطلعون طبيعة الزمن و في ذات الوقت يعرضون لحظات مختلفة منه . في الوقت نفسه، في باريس ، كان مجربو التكعيبية، بيكاسو و جورج براك، يستكشفون أساليب جديدة في رؤية و تمثيل العالم . بدأوا يعيدون جمع الواقع بعد عزله، و يدمجون صفحات الصحف في روائع معقدة و لعوبة مثل غيتار بيكاسو .
باختصار، كان الفن في عام 1913 عند لحظة من لحظات الأصالة التي لا تأتي إلا كل بضعة قرون. كان بيكاسو و معاصروه محظوظين بما يكفي لامتلاك 500 عام من الاستمرارية الفنية من اجل فصلها : سيطرت فكرة الصورة المنظورة على الفن منذ عصر النهضة ، و اليوم يكشف الفن الحديث بأن العالم يبدو أغنى وأكثر غرابة مما هو في الصور النظيفة المرتبة .
هناك سبب آخر لكون 1913 عاما كبيرا . هذا هو القرن الذي يجب أن نحتفل به فعلا، لأن 1913 كان آخر عام ابتهج به رواد الفن الحديث الأوائل وآخر عام كان فيه الشباب أحرارا بلا قيود .
العام الذي جاء بعده سيشهد قرنا مختلفا جدا – قرن الحرب العالمية الأولى. ففي 1914 سيتغير كل شيء ، حيث توقفت التكعيبية و تحطمت مع التحاق براك بالحرب وإصابته فيها، كما قتل بوكسيوني أثناء التدريب على الفروسية عام 1916 .
سنوات الحرب البائسة ستشهد نقادا فرنسيين يدعون إلى " العودة للنظام " – تراجع متحفظ عن الحداثة. كان العصر الأكثر ثورية في قصة الفن على وشك أن ينتهي. الفن الحديث لن يعود حديثا مرة أخرى .