التقارير الرسمية الصادرة عن وزارة التخطيط وضعت محافظة المثنى في صدارة قائمة المدن الأكثر فقراً في العراق، وبلغت النسبة تسعة وأربعين بالمئة، بمعنى ان نصف سكانها تحت خط الفقر، ومسؤولوها المحليون، اكدوا ان مركز مدينة السماوة لم يشهد مشاريع استثمارية طيلة السنوات الماضية ، لأسباب تتعلق بهيمنة الحكومة المركزية، وغياب التشريعات المشجعة للمستثمرين والإجراءات البيروقراطية الصارمة التي تبعد اصحاب الاموال ورجال الاعمال عن مغامرة إقامة مشروع في المدينة التي ذكرها المطرب الراحل ناصر حكيم بأغنية "نخل السماوة يكول طرتني سمرة سعف وكرب ظليت مابيه ثمرة" وشباب السماوة من العاطلين والباحثين عن فرص العمل، ومعظمهم يحمل شهادات جامعية، أصبحوا اليوم مثل نخيلهم ينتظرون رحمة المركز، والحصول على تخصيصات لمدينتهم من موازنة العام الحالي البالغة أكثر من 110 مليار دولار لتوفير فرص العمل للعاطلين، ليس عن طريق الوظائف الحكومية بل إنشاء مصانع وإحياء مزارع، او التفكير في اقل تقدير في احياء بحيرة ساوة لتكون منتجعا سياحيا يستقطب الزوار والباحثين عن الاسترخاء في أفقر مدينة في العراق .
امتداد السماوة نحو الصحراء الشاسعة المرتبطة بدول الجوار ، شجع السلطة قبل عشرات السنين على انشاء سجن في نقرة السلمان هو الأكثر شهرة في العراق ، وكان شاهدا حيا على تعامل الأنظمة المتلاحقة مع المعارضين قبل أن تستبدل عقوبة السجن بالتصفية الجسدية بحق من يقف ضد إرادتها، فاكثر الشخصيات الوطنية العراقية ، قضت محكومياتها في ذلك السجن ، ويبدو ان لعنته امتدت إلى السماوة فحملت صفة المدينة الأفقر في بلد نفطي .
المسؤولون لم يخطر في بالهم في يوم ما ان يحولوا سجن نقرة السلمان الى متحف او أي شيء اخر يبدد إلى الأبد لعنته الراسخة في الذاكرة العراقية ، وفكرة من هذا القبيل لا تخدمهم لان السجن كان مخصصا لأعضاء وكوادر حزب معروف ، أصبح في ظل النظام الانتخابي المعتمد في الانتخابات التشريعية السابقة خارج مجلس النواب المسؤول دستوريا عن تشريع القوانين والمصادقة على الموازنة، ومكافحة الفقر، وإعادة الحياة لنخل السماوة.
في المدن الحدودية يلجأ الكثير من أبنائها إلى عمليات تهريب البضائع الممنوعة لدول الجوار وتشمل المشروبات الكحولية والروحية وحتى المخدرات، وفي بعض الأحيان بتشجيع من السلطة ينشط عملهم عندما تتدهور وتضطرب العلاقة مع هذه الدول الجارة أو تلك، فتتوفر للمهربين "القجقجية" فرص ممارسة النشاط بشكل أوسع.
شباب السماوة من العاطلين عن العمل كغيرهم من أهالي مدن وسط وجنوبي العراق يقضون معظم أوقاتهم في المقاهي، وبعضهم رفض التخلي عن عادته في تدخين السجائر من نوع اللف في سنوات فرض العقوبات الاقتصادية على العراق بعد غزو الكويت، ليعطي صورة واضحة عن استمرار معاناته منذ زمن الحصار الجائر، وحتى تخصيص مئات المليارات من الدولارات في الموازنة، وبين الزمنين دخان واحد يطلقه الباحثون عن العمل، حرموا حتى من سماع أغنية نخل السماوة .
نخل السماوة
[post-views]
نشر في: 9 فبراير, 2013: 08:00 م