لا أدري إن كانت حكومة إقليم كردستان أو أي هيئة أخرى في الإقليم قد ردّت أو علّقت على أحدث تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" بشأن وضع حرية الصحافة في الإقليم. وأياً كان الأمر فأنني شخصياً أؤيد ما جاء في التقرير جملة وتفصيلاً. هذا الموقف مستند أولاً الى معرفتي بأن هذه المنظمة المهتمة بقضايا الحريات وحقوق الإنسان تعمل وفقاً لضوابط ومعايير مهنية محترمة غير مُسيسة، وان تقاريرها ترتكز الى معطيات واقعية الى حد كبير، وثانياً انني شخصياً أعرف ان في الاقليم كما في سائر انحاء البلاد تجاوزات على حرية الاعلام وتعديات على العمل الاعلامي ومساعي متواصلة للتضييق على حرية التعبير بذرائع شتى (الأمن الوطني، النظام العام، الآداب العامة..الخ).
التقرير (خبر عنه في مكان آخر على هذه الصفحة) يُقدم وقائع ثابتة عن هذه التجاوزات والتعديات لا أظن ان الهيئات في الاقليم ستستطيع نكرانها أو تفنيدها. ربما ستقول هذه الهيئات، كما فعلت في السنوات الماضية، بان معلومات التقرير مبالغ فيها، وهذه محاولة للتنصل من المسؤولية عن الانتهاكات التي يرصدها التقرير.
ما يتعيّن أن تدركه الحكومة والهيئات في الإقليم وكذا الحكومة الاتحادية في بغداد والحكومات المحلية في المحافظات وسائر مؤسسات الدولة، أن النظام الديمقراطي يعني قبل كل شيء: حرية التعبير، وفي هذا الإطار تكون حرية الصحافة والإعلام.
لا يمكن اقامة الديمقراطية وبناء نظام ديمقراطي من دون هذه الحرية. وهي ليست مُقيدة أو مشروطة. التذرع بالنظام العام والأمن الوطني والآداب العامة (كما جاء في قانون حقوق الصحفيين – 2011 مثلاً) حجة في الواقع لإخفاء معاداة حرية الصحافة.
لا ديمقراطية مع كبح حرية الإعلام وتقييدها بقوانين يشرّعها سياسيون يخشون الكشف عن أخطائهم وخطاياهم. في النظام الديمقراطي لا توجد قوانين للصحافة والاعلام. حرية الاعلام والصحافة مباحة، واذا ما ارتكب صحفي أو صحيفة أو وسيلة اعلام جناية أو جنحة في حق شخص أو هيئة أو جماعة فان قانون العقوبات الوطني هو المرجع، وفي قانون العقوبات العراقي مواد تُجرّم القذف والتشهير وما إلى ذلك من جرائم النشر.
يتعين على حكامنا ومسؤولي دولتنا أن يدركوا انه ليس من مصلحة النظام الديمقراطي معاقبة الإعلاميين ووسائلهم بعقوبات خاصة. فهذا العقاب لن يُوقف النقد. صدام حسين أقام جمهورية خوف رهيبة، لكن ذلك لم يمنع من انتشار النقد لنظامه وسياساته عبر وسائل الإعلام الخارجية وتقارير منظمات حقوق الإنسان. والآن فان ليس في وسع حكومة كردستان أو الحكومة الاتحادية أن تُسكت أصوات النقد في الاقليم والعراق كله، لأنه بكل بساطة سيندفع هذا النقد الى الخارج وسينتشر على نطاق واسع بفضل التكنولوجيا الحديثة ومنجزاتها الباهرة، ومنها شبكة الانترنت على وجه الخصوص.
اتركوا الإعلام يعمل بحرية. لا تخافوا. الإعلام كفيل بمعالجة أخطائه وخطاياه سريعاً في ظل الحرية. فقط الزموا نقابات الصحفيين والمؤسسات الصحفية والإعلامية بأن تعلم أعضاءها ومنتسبيها أخلاقيات مهنة الصحافة المتعارف عليها دولياً وأن تراقب التزامهم بها، وقبل هذا أن لا تكون هذه النقابات والمؤسسات "وكالة من دون بواب" مهني.
جميع التعليقات 2
سمير طبلة
قالت العرب، وصدقت: صديقك (ونحن رفاق طريق) من صَدَقَك، وليس من صدّقك. فإستمعوا، يا مسؤولي الإقليم، لكلمة الحق، المنتصرة للقضية العادلة لشعبكم الشجاع!
كاطع جواد
الاعلام متنفس لكل الناس في الشارع وفي الباصات وحتى في أماكن العمل نجد الناس تتحدث عن الحكومة بالسلب او بالإيجابب...اما واجب الإعلامي فهو ليس مدح الحكومة في عملها كما يفعل بعض المواطنين البسطاء بل هو إظهار النقاط السلبية خلال عمل تلك الحكومة ليس لغرض اله