في ظل الأزمة الدائرة اليوم بين إتحاد الكرة والمدرب البرازيلي زيكو من التباسات العقد المبرم بينهما وما نتج عنه تلقي الاتحاد اشعاراً من الاتحاد الدولي لكرة القدم يبين فيه شكوى زيكو من تأخر رواتبه لأكثر من شهرين وبالتالي المطالبة بدفع الشرط الجزائي الذي يتعدى 6 ملايين دولار بحسب ما أكدته بعض المصادر ما يضع الطرف العراقي في مأزق حقيقي يضر بسمعة اللعبة والبلد ، في ظل كل ذلك وبعيداً عن موقف الاتحاد وتصرفه بإشعار (فيفا) بخصوص تزويده وثائق تشير الى دفعه مرتبات المدرب وحوزته وصولات تؤكد تسلمه المبالغ في موعدها من دون تأخير، نتساءل : هل من الحكمة اليوم ان يعود اتحاد الكرة الى المربع الاول ويفتح ملف المدرب الاجنبي بعد قرار المدرب الوطني حكيم شاكر التخلي عن مهمته مع المنتخب الاول لاسباب قد لا نتفق مع قناعاته ؟!
واذا كانت فكرة الاتحاد ومبرراته التي نحترمها طالما انه المسؤول الاول عن الكرة العراقية من جميع النواحي تصب في خدمة المنتخب الوطني لاسيما انه مقبل على مشاركات صعبة بحاجة الى خبرة مدرب محنك وملم بشؤون التنافس القاري والعالمي ، أليس من الأجدر ان يتوجه الاتحاد للتشاور مع اللجنة الاولمبية بخصوص المبلغ المقترح المخصص للمدرب الذي يتناسب مع مكانته وتاريخه وانجازاته ؟!
فالحصانة القانونية لأي عقد يجب ان تصان من المرجع الاداري والمالي لاتحاد الكرة ، ولطالما شدد رئيس اللجنة الاولمبية الوطنية رعد حمودي في مناسبات عدة على انتماء اتحاد الكرة لمنظومة الاولمبية ومعاملته على حد سواء مع جميع الاتحادات من دون تمييز حتى لو كان مغطى بشرعية (فيفا) فالواجب يقتضي اخضاع جميع صفقاته ومبادراته ذات العلاقة بالمال العام الى التشاور والمراقبة والمحاسبة لحفظ الجميع من أي خرق او تقصير لا يحمد عقباه.
كثير من المسؤولين عن الشأن الرياضي وأولهم وزير الشباب والرياضة المهندس جاسم محمد جعفر ، ونقاد ومحللين أجمعوا على ان قيمة العقد المبرم بين اتحاد الكرة والمدرب زيكو مُبالغ فيها ولا تتناسب مع فترة البطالة التي قضاها زيكو جراء ابتعاده عن التدريب وخلو سجله من الانجازات اللافتة والمغرية ، ناهيك عن تفننه في مخادعة اتحاد الكرة بالحضور والغياب عن العاصمة بغداد في الوقت الذي يحدده هو من دون تنبيه او محاسبة!
ان دراسة ملفات المدربين التي ينهمك اتحاد الكرة حالياً على المفاضلة بينهم في المرحلة الحرجة هذه لابد ان تكون متأنية في اختيار المدرب ولا يدفعنا ضيق الوقت الى ارتكاب خطأ جديد ربما هو أشنع من قضية زيكو ، والمنطق يشير الى ضرورة تبادل المشورة بين اللجنة الاولمبية واتحاد الكرة قبل الإقدام على حسم تسمية المدرب الجديد ووضع كل بنود العقد المراد الاتفاق عليه مع المدرب وتنقيح مسودته كي يصبح موقفنا آمنا بعد ذلك ولا يوجد أي إشكال او غموض إذا ما سعى المدرب القادم لخلق أزمة مستفيداً من الثغرات التي نفذ منها زيكو للمراوغة حول العقد وسياقات وتبويبات المرتبات الشهرية والمكافآت وبدل الاقامة والسفر وغيرها من مستحقاته، بدليل ان اتحاد الكرة لم يُعلم الرأي العام بعد ورود إشعار (فيفا) الأخير كم هو المرتب الشهري لزيكو الذي يدّعي تأخر صرفه ؟!
هناك توجه شبه مؤكد لدينا من " توجس " اللجنة الاولمبية عند تعاملها مع اتحاد الكرة في مختلف القضايا واهمها قضية زيكو ومسلسل محكمة (كاس) الذي يطل على اعضاء الاتحاد بين الحين والآخر بحلقة رعب جديدة تتوعدهم بقرب موعد إخلاء موقعهم في الاتحاد واطلاق رصاصة الرحمة على انتخابات اللعبة ، ومصدر توجس الأولمبية هنا لئلا يفسر ذلك تدخلاً مباشراً تعاقب عليه من الاولمبية الدولية بالتجميد ، لكن أرى ان حكمة الرئيس حمودي ومعه اعضاء المكتب التنفيذي والمستشار القانوني قادرة على وضع حد فاصل بين "التشاور" لمصلحة رياضة العراق وسمعته وبين "الأوامر" التي تجرّد اتحاد الكرة من حقه في ممارسة واجباته بمعزل عن الضغوط ، لاسيما ان مفارقة المنتخب الوطني اليوم غريبة (لاعبوه محليون ، جاهزون ، حاضرون في ملعب الشعب وملاكه التدريبي أما ساذج يدرب بالمراسلة أو محترف بالضحك على الذقون )!