منذ بضعة أسابيع تداولت بعض مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت شريط فيديو لقارئ حسيني (روزخون) وهو يحث المستمعين اليه في مجلسه بحماسة شديدة على المشاركة بكثافة في انتخابات مجالس المحافظات المقبلة، عاداً ذلك تكليفاً شرعياً تتطلبه وتتحقق فيه "مصلحة المذهب".
كيف يبدو المذهب لهذا الروزخون؟ وكيف تتحقق مصلحته من وجهة نظره؟
انه -بحسب الصورة التي يقدمها الروزخون وخطبته- مذهب منغلق تماماً ومتعصب طائفياً إلى أبعد الحدود، يؤمن بالنظرية الميكيافلية: الغاية تبرر الوسيلة، حتى لو كانت هذه الوسيلة غير نظيفة.
الروزخون طلب إلى مستمعيه أن يذهبوا الى الانتخابات حتى لو كانوا غير مقتنعين بها وبالمرشحين، وان ينتخبوا حتى الفاسدين، فالمهم بالنسبة له، كما اكد في خطبته، انتخاب أبناء المذهب والاحتفاظ بسيطرتهم على السلطة. ولإثارة حماسة المستمعين اليه راح هذا الروزخون يتساءل عمّا اذا كان أحد يتصور في الماضي أن يُرفع اسم الإمام علي بن أبي طالب في الأذان عبر الإذاعة والتلفزيون أو أن يسير ابناء المذهب الى المراقد المقدسة مشياً على الأقدام بحماية قوات الأمن!
أمس وجدت على أحد المواقع خبراً مصوراً منقولاً عن إذاعة الروضة الحسينية يقول: "ناشد أهالي حي النضال غربي كربلاء المسؤولين في الحكومة المحلية ووزارة الكهرباء إيجاد حل لمشكلة رافقتهم طيلة ست سنوات، والمتمثلة بعدم وجود أعمدة وأسلاك للطاقة الكهربائية إضافة الى تعطل محول الطاقة الكهربائية الذي أصبح قديماً ولا يتناسب مع التوسع السكاني بالمنطقة". وأضاف الخبر "قال مختار حي النضال علي كاظم في تصريح لإذاعتنا إن مطالباتنا المستمرة لم تجد نفعاً ما اضطرنا إلى اللجوء لوسائل الإعلام لبيان مظلوميتنا".
الصور المرفقة بالخبر، وعددها أربعة، تُغني عن كل كلام عن البؤس المريع لهذه القرية وأهلها، أو بالأحرى عن بؤس دولتنا التي تفشل على مدى ست سنوات متتالية في توفير بضعة آلاف من الدولارات من المئة مليار دولار التي تتكدس لديها كل سنة من النفط وحده، لشراء أعمدة وأسلاك ولتصليح محولة الطاقة الكهربائية لقرية صغيرة في محافظة كربلاء.
والأشدّ من بؤس هذه القرية وبؤس دولتنا هو بؤس هذه "الثقافة" التي تجعل من "رجل دين" يكرس نفسه ويسرق وقت الناس لتكليفهم "شرعياً" بانتخاب أبناء المذهب حتى لو كانوا فاسدين، من دون أن يكلف نفسه بالحديث عن بؤس قرانا ومدننا ودولتنا، ومن دون أن يكلف نفسه أيضاً بادراك ان هذا البؤس ناجم عن تفشي الفساد وتسيّد الفاسدين في دولتنا.
ثقافة روزخونية.. طائفية
[post-views]
نشر في: 12 فبراير, 2013: 08:00 م