بينما سيطر الفيلم الملغز "الأستاذ الكبير" على القسم الأول من مهرجان برلين السينمائي هذه السنة فإن القسم الثاني حتماً تركز على فيلم أيضاً أكثر غموضاً وهو مقطوعة صنعها بشكل سرّي المخرج الإيراني جعفر بناهي الذي يقضي حكماً بالإقامة الجبرية في إيران
بينما سيطر الفيلم الملغز "الأستاذ الكبير" على القسم الأول من مهرجان برلين السينمائي هذه السنة فإن القسم الثاني حتماً تركز على فيلم أيضاً أكثر غموضاً وهو مقطوعة صنعها بشكل سرّي المخرج الإيراني جعفر بناهي الذي يقضي حكماً بالإقامة الجبرية في إيران وعدم صناعة أي فيلم لمدة 20 سنة.
ومع ظهور فيلم "الستارة المسدلة"(برده) لبناهي في عرضه الأول في المهرجان فإن التفاصيل بقيت قليلة حول الجهود التي بذلت في صنع الفيلم و الوسائل التي تم نقل الفيلم بها إلى برلين.
وبينما ظهر مساعد المخرج "كامبوزيا باتروفي" في "برلينال بالاست" للعرض الأول للفيلم الثلاثاء فإن أزمة المخرجين الإيرانيين- والإيرانيين على العموم في الفترة التي تسبق الانتخابات الإيرانية في نهاية هذه السنة- سوف تظهر مرة ثانية على مسرح الأحداث.
وكان مهرجان برلين السينمائي داعماً لبناهي منذ فترة طويلة مع دعوة رئيس المهرجان "ديتر كوسيليك" المخرج الإيراني إلى الجلوس مع حكام المسابقة عام 2011 في نفس الوقت الذي جرى فيه القبض على بناهي واحتجازه في بيته بسبب صنعه "دعاية مضادة للحكومة". وفي احتفال الافتتاح دعا "برند نيومان" وزير الثقافة الألماني طهران لرفع الإقامة الجبرية على بناهي والسماح له بالسفر إلى برلين.
ومع بقاء بناهي في إيران التحق باتروفي مع عضو لجنة التحكيم في المهرجان "شيرين نشأت"، الفنانة و المخرجة الإيرانية التي درست في الولايات المتحدة، التي تتحرى أفلامها حضور النساء في المجتمعات التي يحكمها الأصوليون.
في الوقت نفسه فإن مهرجان روتردام السينمائي عيّن "فاطمة معتماداريا"، الممثلة المتمرسة التي حظرت عليها السلطات الإيرانية من الظهور على الشاشة، حكماً في جوائز "هيفوز تايغر". ويضم المهرجان قسما يدعى "داخل إيران" يعرض أفلاماً إيرانية جديدة إضافة إلى استضافة أحداث عن الحالة الاجتماعية الحالية والظروف الإبداعية.
من بين الفنانين الذين يحضرون المهرجانات العالمية كي يتحدثوا عن مشاكل بلدهم يرجح أن محسن مخملباف هو الأبرز. فقد قضى ثماني سنوات في المنفى بعد أن غادر إيران في الفترة التي انتخب بها محمود أحمد نجادي في عام 2005 وكان المخرج في غاية الصراحة في نقده للنظام الحالي في إيران وقمعه للحقوق المدنية وحرية الفنانين.
وقال مخملباف الذي عرض فيلمه الأخير "البستاني" في روتردام لمجلة "هوليود ريبورتر" بأنه يعمل الآن على فيلم حول المهاجرين الإيرانيين في لندن التي يسكنها هو وعائلته. وقال أن عمله وظهوره في المهرجانات هي دلالات على التحدي لأعدائه ويضيف:" حين خرجت من إيران قالوا لو خرج من إيران فلن يكون قادراً على عمل شيء. لكني صنعت في الخارج ثماني أفلام بمعدل فيلم واحد كل سنة".
لكن بناهي ومخملباف – وأيضاً عباس كيروستامي الذي يتحاشى السياسة- ألقوا ظلالاً كبيرة على جيل من الشباب الذين يبحثون عن تبني مقاربات مختلفة لصناعة الفيلم. وبينما قدم المخرج "محمد سيرفاني" فيلمه "شاكر السمين" في مهرجان روتردام فقد تحدث عن حاجته "لمحاربة البطرياركية".
ويقول "ماني هاجاجي" الذي عرض فيلمه "استقبال متواضع" في روتردام، بإن الانشقاقات في إيران والسينما الإيرانية أكثر تعقيداً من الصدام البسيط بين الإصلاحيين والأصوليين. وقال لمجلة "هوليود ريبورتر":" كوني فناناً وجدت نفسي في صراع مع الصورة المنمطة أو الأسلوب الذي كان يعبر عنه بشكل سائد كل من كياروستامي ومخملباف وجعفر بناهي.. نحن تعلمنا الكثير منهم لكن الناس الآخرين يعبرون عن أنفسهم بطرق أخرى".
ويؤمن "حجاجي" بالتفاوض بدلاً من المواجهة في مقايضاته مع الحكومة. بالنسبة لفيلم "استقبال متواضع" الذي يدور لما حدث لزوج يعطي المال إلى غرباء في الريف فإن المخرج التقى مع المسؤولين على الثقافة لمدة 12 ساعة لمدة ثلاثة أيام وهم يناقشون الفيلم لقطة فلقطة".
ويضيف:" حذفت الرقابة الأساسية 25 دقيقة من الفيلم؛ في النهاية قطعوا ست ثوان لأني تحدثت معهم دائماً. أدركوا بأني لن أغادر وإذا لم يسمحوا لي أن أنفذ أسلوبي فإني سأستمر بالجلوس للتحدث معهم. ليس كل فرد له القدرة على الصبر في مثل ذلك- أغلب الناس بعد ساعتين يبدأون بالعراك أو قول أمور مسيئة بينهم".