اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > إنما أصل الفتى نوط أخضري

إنما أصل الفتى نوط أخضري

نشر في: 15 فبراير, 2013: 08:00 م

أقامت عاملة بريطانية دعوى ضد موظف حكومي مرموق، بتهمة القذف والتجديف، كونه عيّرها – أثناء مشادة عابرة—بأصولها البنغلاديشية (جد والدها من أصول هندية). انتصرت المحكمة للعاملة السمراء، الأجنبية الأصول ضد الوزير البريطاني سليل العوائل ذات الدماء الزرقاء.

هذه الواقعة، تستدعي استحضار حالات المنابزة بالألقاب، المتعاظمة، والتي تتعاظم في عراق اليوم، فذاك عجمي الأصول وذاك قوقازي الجذور، وتلك شركسية، وذاك عربي قح من سلالة قحطان والعرب العاربة، وذاك من نسل عدنان، والعرب المستعربة، وهذا مسلم سني حنفي وذاك مالكي، وذاك علوي، وذاك شيعي إمامي وذاك جعفري هذا صائبي وتلك مسيحية، وذاك قرمطي وذاك حساوي، وهذا زيد وذاك يزيد، وأولئك من رهط عائشة، وهؤلاء من زمرة أم معاوية، هند آكلة الكبود..،

هل يمكن إقناع العراقي الذي يعاير الآخر بنسب أو حسب، أو عراقة أصل ومنبت، أو أصالة دين او قومية  او.. أو.. أن لا أحد - لاسيما في العراق -، مصفى ومزكّى، ودونما شائبة؟ فالعراق الذي كان على مر العصور مسرحا، موطئا، موطنا، مقاما، غازيا، محتلا.. لأقوام لا عد لها ولا حصر، في هجرات متعاقبة منذ فجر التاريخ، جعلت من الفرد العراقي الذي بلا شائبة نسب، أمرا في عداد المستحيل.

من عهد الساسانيين، إلى الفتح الإسلامي، للمغول، والتتر، لجنكيز خان وسليله هولاكو، لتيمور لنك، للحكم الصفوي، للعثماني، وقبلهم السومريون والكلدانيون والآشوريون، والبابليون، كل تلك الأقوام عبرت العراق، مقيمة ومرتحلة  تجاوروا طوعا أو كرها، تحاربوا وتحابوا، وتاجروا، وتآخوا وتناحروا وتزاوجوا، وتناسلوا، فكان منهم ما يدعى الشعب العراقي، فبأي شرع، وبأي منطق يعير فلان فلانا بأصله وفصله وعرقه ومنبته؟ هلا عايروا بالكسل والتواكل، واللاإنجاز. وخراب الذمة، ونزعة العدوان وتأجيج الصراع، أو تلفيق التهم لبريء، أو أخذه بجريرة مذنب.

في سويسرا – مثلا وقياسا –  والتي يتلاقى على أديمها أكثر من عشرين (رسا)  يجرّم (بتشديد الراء) كل من تثبت عليه تهمة التنابز، حول دين أو مذهب او قومية، والكل تحت مظلة القانون.

بنفسي، ان ينبري جمهرة من القانونيين الأصلاء، يضغطون على أصحاب الشأن، باستحداث نص قانوني، يلاحق  قانونيا، ويعاقب  كل من ينابز، بعرق أو دين او قومية أو طائفة، باعتبارها جرائم قذف وتشهير  وإساءة.

عسى أن لا ينبري أحدهم بإيراد مقولة كانت شائعة في الأيام الخوالي، وتستحضر الآن في اللحظات الحرجة: لا تقل أصلي وفصلي شمري، إنما أصل الفتى نوط  اخضري

والنوط الأخضري، هو الورقة النقدية، التي كانت المجيدي والروبية أيام العثمانيين، وذات العشرة دنانير إبان الحكم الملكي،  ورزم الماية دولار – الدفاتر -- في عراق هذي الأيام!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram