الأربعاء، 16 إبريل 2025

℃ 18
الرئيسية > أعمدة واراء > وسط طلاب محترمين !

وسط طلاب محترمين !

نشر في: 17 فبراير, 2013: 08:00 م

.‏. ‏في‏ ‏ذلك‏ ‏الزمان‏ القديم  ‏تعارف‏ ‏الناس‏ ‏أن‏ ‏يسدي‏ ‏الكبار‏ ‏النصح‏ ‏للأصغر‏ ‏سنا‏ ‏و‏ ‏أن‏ ‏يردوهم‏ ‏عن‏ ‏الخطأ‏ ‏و‏ ‏أن‏ ‏يفضوا‏ ‏مشاجراتهم‏ ‏الصبيانية ‏دون‏ ‏أن‏ ‏ينتهي‏ ‏الأمر‏ ‏بمجزرة‏ ‏بين‏ ‏الأهالي‏ ‏أو‏ ‏حروب‏ ‏أشبه‏ ‏بحرب‏ ‏العيارين والشطار . ‏

لكن‏ ‏الأمر‏ ‏بدا‏ ‏مختلفا‏ ‏بالنسبة‏ ‏لي‏ ‏عندما‏ ‏بدأت‏ ‏أوليى ‏محاولاتي‏ ‏للسير‏ ‏على‏ ‏الطريق  ..‏في‏ ‏البداية‏ ‏واجهتني‏ ‏نظرات‏ ‏غيظ‏ ‏مكتوم‏ ‏من‏ ‏المعتدين‏ ‏الصغار‏ , ‏تشي‏ ‏بكلمات‏ ‏لم‏ ‏يجسروا‏ ‏أن‏ ‏ينطقوها‏.. ‏بمرور‏ ‏الوقت‏ ‏اكتشفت‏ ‏أن‏ ‏مجرد‏ ‏نطق‏ ‏كلمة‏ ‏على كيفك ابني ‏.. أو عندما  ‏تحاول‏ ‏فتح‏ ‏باب‏ الكيا  ‏وتصعد إليها  ‏أثناء‏ ‏سيرها .. فتشاهد في أعين السائق العنف والشدة طبعا لطبيعة السواق والراكبين .... وكأنك فتحت بابا للجحيم ‏!!.‏فردود‏ ‏الفعل‏ ‏تتراوح‏ ‏و ‏تختلف‏ ‏طبقا‏ ‏لطبيعة‏ ‏المعتدي‏ ‏و‏ ‏نوعية‏ ‏الناصح‏ ‏وكثيرا‏ ‏ما‏ ‏يصل‏ ‏الأمر‏ ‏لمعركة‏ ‏دموية‏. ‏أما‏ ‏في‏ ‏حالتي‏ ‏الخاصة‏ ‏فأحمد‏ ‏الله‏ ‏أن‏ ‏الأمر‏ ‏كان‏ ‏يقتصر‏ ‏على‏ ‏نظرة‏ ‏ضيق‏ ‏أو‏ ‏كلمة‏ ‏وأنت‏ شعليك ‏!! ‏مصحوبة‏ ‏بنظرات‏ ‏توحي‏ ‏برغبة‏ ‏في‏ ‏إطلاق‏ ‏سيل‏ ‏من‏ ‏العبارات‏ ‏المهينة‏, ‏لا‏ ‏يمنع‏ ‏تدفقها‏ ‏إلا‏ ‏تجهمي‏ ‏و‏ ‏نظارتي‏ ‏الطبية‏ .!!.‏بمرور‏ ‏الوقت‏ ‏و‏ ‏بفعل‏ ‏تكرار‏ ‏التجارب‏ ‏المحبطة‏ ‏و‏ ‏الإحساس‏ ‏بالعجز‏ ‏أمام‏ ‏طوفان‏ ‏الألفاظ‏ ‏و‏ ‏السلوكيات‏ ‏غير‏ ‏اللائقة‏ ‏الذي‏ ‏بات‏ ‏يحاصرنا‏ ‏في‏ ‏الشوارع‏ ‏و‏ ‏تسرب‏ ‏إلى‏ ‏بعض المدارس والكليات ‏ , .‏اكتفيت‏ ‏بدور‏ ‏المتفرج‏ ‏الممتعض‏..‏

في‏ ‏هذه‏ ‏المرة‏ ‏انتزعت‏ ‏قسرا‏ , ‏أو‏ ‏ربما‏ ‏بإرادتي‏ ‏من‏ ‏مقعد‏ ‏المتفرجين‏...‏للوهلة‏ ‏الأوليى ‏لم‏ ‏أفهم‏ ‏ما‏ ‏يدور‏ ‏حولي‏..‏وجدت‏ ‏نفسي‏ ‏وسط‏ ‏حلقة‏ ‏من‏ ‏الصبية‏ ‏يرتدون‏ ‏زيا‏ ‏مدرسيا‏ ‏واحدا‏, ‏يتلاسنون‏ ‏بسباب‏ ‏مقزز‏ ‏لإزكاء‏ ‏نيران‏ ‏معركة‏ ‏تشابك‏ ‏بطلاها‏ ‏بالأيدي‏. ‏بصعوبة‏.‏شققت‏ ‏طريقي‏ ‏خارج‏ ‏الدائرة‏ .‏ما‏ ‏أن‏ ‏أصبحت‏ ‏بعيدة‏ ‏عن‏ ‏مرمى ‏ركلاتهم‏ ‏حتى‏ ‏غلبني‏ ‏فضولي‏ ‏فاستدرت‏ ‏لأرقب‏ ‏الموقف‏..‏الزي‏ ‏لمدرسة‏  أهلية محترمة ‏ ‏لا‏ ‏يملك‏ ‏أن‏ ‏يدفع‏ ‏مصروفاتها‏ ‏إلا‏ ‏من‏ ‏يطلق‏ ‏عليهم‏ ‏علية‏ ‏القوم‏  أو ‏المجتمع‏ , ‏أما‏ ‏الألفاظ‏ ‏المتطايرة‏ ‏في‏ ‏الهواء‏ ‏فحدث‏ ‏عنها‏ ‏و‏ ‏لا‏ ‏حرج‏!!‏

فجأة‏ ‏وجدت‏ ‏بالقرب‏ ‏من‏ ‏موطئ‏ ‏قدمي‏ ‏جسد‏ ‏أحد‏ ‏الخصمين‏ ‏في‏ ‏محاولتي‏ ‏المستميتة‏ ‏لإنقاذ‏ ‏رأس‏ ‏الصبي‏ ‏من‏ ‏الارتطام‏ ‏بحافة‏ ‏الرصيف‏ ‏طوح‏ ‏المعتدي‏ ‏يده‏ ‏فطارت‏ ‏نظارتي‏ ‏عن‏ ‏وجهي‏.. ‏في‏ ‏تلك‏ ‏اللحظة‏ ‏فقط‏ و‏قبل‏ ‏أن‏ ‏أنبس‏ ‏بكلمة‏ ‏انفض‏ ‏غبار‏ ‏المعركة‏ ‏و‏ ‏قفز‏ ‏المعتدي‏ ‏و‏ ‏المعتدى ‏عليه‏ ‏هاربين‏.‏

في‏ ‏طريقي‏ ‏إلى ‏سيارتي‏ ‏ترددت‏ ‏في‏ ‏سمعي‏ ‏كلمات احد المارة ‏ ‏ ‏ ‏الذي‏ ‏لملم‏ ‏أشلاء‏ ‏نظارتي‏ ‏وهو‏ ‏يقول‏  :‏ ‏دكتورشورطك مع هؤلاء الشياطين ... طلاب همة لو أولاد شوارع ؟

لم‏ ‏أجبه‏....‏أطبقت‏ ‏فمي‏ ‏ونجوت بأعجوبة ‏ ‏من‏ ‏لكمة‏ ‏كادت‏ ‏أن‏ ‏تكحل‏ ‏عيني‏ ‏بلون‏ ‏أزرق‏ ‏غامق  ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏طارت‏ ‏نظارتي‏ ‏الطبية‏ ‏في‏ ‏الهواء‏ و‏ ‏استقرت‏ ‏مهشمة‏ ‏بجوار‏ الرصيف الذي تعلوه ‏‏ ‏لافتة‏ ‏إحدى‏ ‏المدارس‏ ‏الراقية‏ ‏التي‏ ‏يدفع‏ ‏أولياء‏ ‏الأمور‏ ‏من ‏قلوبهم‏ ‏ ‏ ‏مصروفاتها‏ ‏حرصا‏ ‏على‏ ‏مستقبل‏ ‏أبنائهم‏ ‏علميا‏ ‏وخلقيا‏ .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

قناطر: العالم يتوحش .. المخالبُ في لحمنا

العمود الثامن: قوات سحل الشعب

"الحشد الشعبي"... شرعنة التشكيل بوظائف جديدة

كلاكيت: "ندم" وعودة الفيلم الجماهيري

الحاكم بمنظور إمام سلطة الحق

العمود الثامن: المتشائل

 علي حسين أعترف أنّ الكتابة اليومية تتطلب من صاحبها جهداً كبيراً، فصاحب النافذة اليومية مطلوب منه أن يُقدِّم شيئاً يتجاوز ما اطلعت عليه الناس في الأخبار، وشاهدته من خلال الفضائيات، فالعبور إلى جسر...
علي حسين

(50) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياةً بين قذيفتين

زهير الجزائري 2 بين القتال والهدنةً القصيرة تغيرت الحياة الاجتماعية. لقد قضى الناس أياماً طوالًا في الملاجئ. نساء ورجال حشروا في مكان ضيق. شبان لم يعرفوا السياسة و ما أرادوا أن يعرفوها انفصلوا عن...
زهير الجزائري

اشكالية السياسة والتعصب تحليل سيكولوجي

د. قاسم حسين صالح المفهوم الشائع عند العراقيين بمن فيهم الكثير من المثقفين ، ان المتدينين يكونون متعصبين والمثقفين متحررين وغير متعصبين ، فهل هذا صحيح ام فيه رأي آخر ؟ لنبدأ بتحديد المفهوم...
د.قاسم حسين صالح

باليت المدى: كرسي مكسور الساق

 ستار كاووش عندَ لقائي ببعض الناس أفاجئ ببعض التفاصيل الصغيرة التي تُشير الى نوع من الكسل واللامبالاة وعدم إيجاد الحلول حتى وأن كانت صغيرة. فرغم إنغماس أحدهم بتعديلِ صُوَرِهِ ببرامج الفوتو شوب كي...
ستار كاووش
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram