لماذا إذن كل هذا الحشد الهائل من نقاط التفتيش (السيطرات) التي تسمّم حياتنا اليومية في العاصمة وعلى تخومها عند السفر منها إلى خارجها أو العودة إليها؟ لماذا كل هذه السرايا العسكرية الموزعة على نقاط التفتيش متحملة الحر والبرد ونتحمل من الكثير من عناصرها سوء التصرف الذي يعكس سوء الأخلاق وسوء التعليم والتدريب؟
لماذا هذا كله ما دام الإرهابيون هم أسياد الشوارع في مدننا، يستطيعون العمل بوافر الحرية وكامل الاطمئنان، يتجاوزون بمفخخاتهم وعبواتهم الناسفة كل هذا العدد من نقاط التفتيش وكل هذه الكراديس من العساكر ويضربون أينما يشاؤون ووقتما يريدون؟
المجزرة الإرهابية الرهيبة التي حدثت في بغداد أمس هي إعلان جديد، صارخ وصريح، بالفشل.. فشل دولتنا، بحكومتها وبرلمانها وسلطتها القضائية، والطبقة السياسية المتحكمة بهذه المؤسسات والمتنفذة فيها.
لو لم نكن فاشلين ما كانت سلاسل التفجيرات الإرهابية لتتوالى من دون انقطاع أسبوعاً بعد اسبوع واحياناً اليوم بعد الآخر، وما كان الإرهابيون ليتنقلون من مدينة الى أخرى براحة تامة.
ولو لم نكن فاشلين ما بقي المسؤولون عن الملف الأمني، من رئيس الوزراء إلى الضباط المحليين، في مواقعهم ومناصبهم، أو ما كانوا في الأقل قد ظلوا صامتين من غير كلمة اعتذار أو مواساة لعائلات الضحايا.
ولو لم نكن فاشلين ما ظلت طبقتنا السياسية تتصارع على السلطة والنفوذ والمال كل هذا الوقت من دون أن تقدّم لنا ما يستحق عنه كل واحد من هذه الطبقة البقاء في منصبه وموقعه يوماً واحداً.
هذه الخروقات والاختراقات الأمنية، وهذه الدماء المسفوكة ظلماً وعدواناً، ثمة من يتحمل المسؤولية عنها.. ليس الإرهابيون وحدهم المسؤولون .. فالمسؤولون في دولتنا، وبالذات الماسكون بملفات الأمن، يشاطرون الإرهابيين المسؤولية.. هم موجودون في مواقعهم ومناصبهم ويتمتعون بامتيازاتها الباذخة من أجل أمننا وسلامنا، فإن لم يتحقق لنا الأمن والسلام فليذهب هؤلاء المسؤولون إلى الجحيم.
الغوا نقاط التفتيش التي تنكّد علينا عيشنا على مدار الساعة، واسحبوا العساكر المرابطين فيها، ولا شغل لهم ولا عمل لهم الا إذلال الناس.. الغوها مادامت هذه النقاط وهذه العساكر لا نفع فيها .. فإذ يموت الناس بوجودها، دعوهم يموتون من دونها محتفظين في الأقل بكرامتهم الإنسانية التي تُنتهك عند نقاط التفتيش مثلما تُنتهك حياتهم في التفجيرات الإرهابية.
ارفعوا نقاط التفتيش.. واسحبوا عساكرها
[post-views]
نشر في: 17 فبراير, 2013: 08:00 م
جميع التعليقات 1
كاطع جواد
هذه الرؤيا يشاطرك فيها العديد من أبناء الشعب العراقي يا استاذ وانا منهم ..كما اني ارى ان نقاط التفتيش ليست للتفتيش على ما أظن بل هي للدعاية والبهرجة السلطوية ليس الا كما هو حال زعيق سيارات المسؤول عند مرورها بالشارع..كما اصبحت الجملة الممجوجة :(منين جاي؟