المصابون بأمراض مستعصية فشل الأطباء في تشخيصها والمستشفيات في معالجتها يضطرون إلى مغادرة البلاد والتوجه إلى الهند أو الأردن أو لبنان للتخلص من معاناتهم .
وهذه الظاهرة المنتشرة حاليا بشكل واضح جداً ، جعلت الكثير من المكاتب تفتح أبوابها في محافظات الوسط والجنوب لتقديم خدماتها لمن يرغب في إجراء عملية جراحية في الخارج ، وانتشار الظاهرة أعطى مؤشراً لتراجع الخدمات التي تقدمها المستشفيات ، على الرغم من تخصيص مبالغ مالية طائلة لتحسين القطاع الصحي.
السلطات لم تمنع عراقياً من السفر إلى الخارج لغرض العلاج ، وفي بعض الأحيان تمنح لأحدهم من أصحاب "التراث النضالي" منحة مالية أو سلفة أو مكرمة ليعود سالماً وبكامل عافيته ليمارس عمله الرسمي خدمة لأبناء الشعب العراقي المشتركين بمعاناة واحدة هي تراجع الملف الأمني ، جراء وباء المفخخات والعبوات بشكل شبه يومي ، ومنذ عرفت المحافظات وخاصة العاصمة بغداد تصعيداً ملحوظاً في تنفيذ تلك الأحداث، تضاف لها عمليات الإغتيال بواسطة الكاتم ، صدرت تصريحات من مسؤولين تحذر من استخدام وصف تدهور الأوضاع الأمنية الأمني ، لأنه يلغي دور وزارتي الدفاع والداخلية ، وهما حتى الآن تداران بالوكالة، في إدارة الملف الأمني.
عقب تفجيرات الأحد الماضي صدر تصريح من مسؤول كبير في الداخلية حمّل فيه مجلس النواب وأطرافاً مشاركة في الحكومة مسؤولية اضطراب الأمن ، فالبرلمان فشل حتى الآن في المصادقة على موازنة العام الحالي ، وهي تتضمن تخصيص مبلغ 250 مليون دولار لشراء أجهزة الكشف عن المتفجرات ونصب الكاميرات في التقاطعات والشوارع العامة والجسور ، فضلاً عن مبالغ أخرى لتفعيل الجهد الاستخباري تخصص لمصادر المعلومات ، وطالب المسؤول القوى السياسية بتجاوز خلافاتها واتخاذ موقف وطني موحد يعتمد تضافر كل الجهود لحفظ أمن العراقيين .
مرض أو وباء اضطراب الأمن لا يعالج في مستشفيات هندية أو لبنانية وحتى أميركية وإنما بمنح الوزارات المعنية المزيد من الأموال هكذا يتصور البعض ، علما أنها أنفقت مليارات الدولارات في ظل الحكومات المتعاقبة بشراء أجهزة ومعدات طالها الفساد المالي وتمت إحالة من يقف وراء إبرام تلك العقود إلى القضاء ، الأمر الذي يشير إلى أن تحقيق "الأمن بفلوس" نظرية خاطئة ، تتطلب اتخاذ إجراءات بديلة ، ومنها على سبيل المثال منح العراقيين منحة سفر إلى دول أجنبية ، والإقامة فيها عدة أشهر ، لترك الساحة للأجهزة الأمنية لملاحقة الإرهابيين ، وأعداء العملية السياسية ورافعي شعار الإطاحة بالنظام السياسي ، وعلى قاعدة معالجة الأمراض المستعصية في دول أجنبية ، سيتمكن المعترضون على وصف تدهور الأوضاع الأمنية من إحباط مخططات تنفيذ انقلاب عسكري ، او تجمع متظاهرين حول محيط المنطقة الخضراء لغرض اقتحامها ، و"حوسمتها" على حد وصف رئيس كتلة نيابية صاحبة أوسع نفوذ في الحكومة الحالية ، وأصحاب رأي ضمان استقرار الأوضاع الأمنية مقابل المصادقة على الموازنة ، أعادوا للأذهان قصة الفلوس عن العروس ، وشايف خير ومستاهلها .
الأمن بفلوس
[post-views]
نشر في: 18 فبراير, 2013: 08:00 م