اتصالات الصباح دائماً تحمل أخباراً محزنة أو مخيفة، هذا ما فكرت به قبل أن استقبل اتصال الصديق ستار محسن، الذي جاءني اتصاله في الساعة السابعة وخمس دقائق تقريباً. اعتذر الرجل مرتين، مرة عن اتصاله المبكر وأخرى لأنه يحمل خبراً محزناً ومخيفاً في نفس الآن.. قال: لقد اعتقل السيد أحمد القبنجي، يوم أمس في إيران، فقد اتصل بي ابنه قبل قليل وأخبرني بذلك.
إذن فقد حصل هذا الأمر الذي تأخر كثيراً، فمن المتوقع بالنسبة لي أن يحصل مثل هذا الاعتقال لمثل هذا الرجل في مثل ذلك البلد.. سألني ستار، ماذا سنفعل؟ فقلت له، دعني أفكر واستشير الأصدقاء، لكنني وما أن أغلقت الهاتف حتى عرفت أن الخيارات أمامنا قليلة، فنحن لا نستطيع أن نفعل الكثير، فالحكومة التي تعالج هذه الأيام أكثر من أزمة لا يمكن لها أن تهتم باعتقال عراقي ـبالذات القبنجيـ خارج حدود البلد، وتفكر أن تضغط من أجل إطلاق سراحه. إذن ليس أمامنا إلا الاحتجاج من خلال الفيسبوك ومن خلال التظاهر أمام مبنى السفارة الإيرانية في بغداد.. عدت لستار لأخبره بأنني لا املك نت خلال نهار اليوم، وطلبت منه أن ينسق مع الأصدقاء من أجل وقفة الاحتجاج.
يتميز القبنجي بميزات كثيرة تجعله يستحق مثل هذا الاعتقال المشرف، فهو رجل شجاع بشكل لا يوصف، وهو مثقف حر بمعنى الكلمة، وهو فوق هذا وذاك يمتلك قدرة هائلة على تغيير أفكاره ومن ثم متبنياته. وأتذكر مرة كيف أن الزميل رعد كريم عزيز جاءني في صباح أحد الأيام، في الحرة، ليخبرني بأنه سمع البقنجي يقول كذا وكذا في إحدى محاضراته، فقلت له لا اعتقد أن تحرر القبنجي يمكن له أن يصل هذا الحد!! لكن رعد وبدل أن يكلف نفسه عناء مناقشتي، سارع لفتح موقع اليوتيوب وفتح لي المحاضرة. فقلت له: لكنني قبل أشهر قليلة اختلفت معه حول هذا الموضوع، هو ينكره وأنا اتبناه، فكيف استطاع أن يغير متبنياته بهذه السرعة؟!! لكن دهشتي هذه لم تدم طويلاً، فسرعان ما تذكرت مواقف كثيرة تثبت بأن ايمانات السيد القبنجي متحركة بشكل سريع، فهو يؤمن بما يفكر به، ما يجعل الحدود هشة، تفكيره الآني وإيمانه الثابت. وهذه ميزة لا تتوفر للكثير من المثقفين، أقصد أن يتحول وعي المثقف إلى رمال متحركة لا تُمْهِل أي فكرة الزمن الكافي لتثبت وتتحول إلى صنم مقدس..
قد يخرج القبنجي من معتقله هذا، لكنه لن يجد بعد الآن مستقراً له، فقد غادر العراق لأنه لا يشعر بالاطمئنان فيه، أما وقد هددته إيران فلم يعد له من مكان آمن.. وهذا هو شأن الكبار.
جميع التعليقات 9
Asaad Al-Hashimi
اعتقال السيد احمد القبانجي مرفوض بشدة و يعد خيبة امل كبيرة لا يمكن ان يسكت عنها او تنسى!!! اطلاق سراح السيد احمد القبانجي هو احترام للشعب العراقي كله و لمفكريه و مثقفيه, فعلى الحكومة الايرانية ان تبدي حسن نيتها لشعب العراق و ان لا تغامر بالاسائة لهذه الجي
كاطع جواد
لم نجد على مر التاريخ بان إنسانا حرا خاصة من يدافع عن حرية الاخرين التي سلبت منهم في معتقل اوفقدوها بسبب التجهيل والتضليل ..السيد القبانجي خاض حربا ضروس ضد الأوهام التي تعشش في رؤوس المسلمين وأعطى تفسيرا حداثيا وقراءة جديدة للإسلام وهذه القراءة لا تروق
وسام الربيعي
وما اعتقلوه ولكن شبّه لهم.. الفكر حر لا يعتقل، العقل حر لا يعنقل، النور حر لا يعتقل
Mona
يعجز الكلام عن وصفه وتقديره ، فهو فارس شجاع ورائد عملاق في أفكاره المتجددة. اتمنى أن تبذل الجهود في فك أسره والله ألمعين
عادل
هذا المنحرف تطاول على رسول الله وعلى القرآن وعلى الثوابت الإسلامية بلباس رجال الدين وما صدر بحقه من اعتقال شء قليل نتمنى أن يأخذ جزائه العاجل
المهندس نورس العبيدي
كنا نتوقع هذا من رجال الغدر على مر التاريخ شكرا للسيد احمد القبنجي من كل قلوبنا وحان الان موعد التحرك باتجاه السفارة لتثبيت الموقف ومحاولة التغيير
فاضل البهادلي
للأسف الشديد هذا المجتمع المنغلق يضحي لإعلامه في الفكر بسهوله . القبنجي ظاهره تستحق متل التوقف عندها . نطالب برص الصفوف والتظاهر للإفراج عنه ونرفض تكميم الأفواه ويجن الأفكار. اللهم يفرج عنك أيها السيد الشجاع.
ياسين
هذا هو مع شديد الاسف مصير اكثر المفكرين والفلاسفة والعظماء لكن الذي اعتقلة مع الايام سوف ينسى ولكن فكر القابنجي سيبقى خالد للابد . اختوا اتمنى ان يفعل كل شخص منا كل مافي قدرتةلمساعدة هذا المفكر الحر
سلام حبيب
هذه الافعال وغيرها تدلل على هشاشة الدين الذي نخرت به رؤسنا فلو كان ذا معنى وامكانية لما خافوا علية من نسمات الريح الخفيفة فاي دينا هذا الذي ينتهك حرمة الراي والتعبير لانهم لم يستطيعوا ان يفعلوا معه كما فعلو مع المؤلفة قلوبهم