TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شهيق زنبقة الماء

شهيق زنبقة الماء

نشر في: 19 فبراير, 2013: 08:00 م

أقسم أمامكم بالسماوات السبع، بالقرنفل المخضل بندى  الفجر، بالقداح المخمر بضوع الليمون، بالرطب المعسل على العثوق، بالسعف المدلى،أقسم بخبطة حناء على كف عروس، بنكهة الهال المضوع من إبريق شاي الوالدة، بشط الخورة  وبجسرها أقسم، بشارع الوطني، ببيت المتصرف وشارع الكورنيش، بشناشيل إبنة الشلبى، بمدرسة الخنساء الإبتدائية، بمتوسطة  العشار في الكزارة، ببساتين أبو الخصيب، ورمل الزبير وشجيرات الأثل، بدكاكين أبي _ المغصوبة – في سوق المغايز. اقسم إن قذى يعتري عيني كلما قرأت أو سمعت خبراً عن أنين البصرة، او إستغاثتها، او نحيبها مما آل اليه حالها... كل إشارة عن مدينتي ومرضعتي  ينتزعني من حاضري، ومن بين صحبتي، ويعود بي القهقرى لأربعين سنة خلت، حتى لكأني أسمع صفير القطار أو إرتطام المجداف بالموجة.

كان القطار النازل نحو البصرة يصل باكراً، فيختلط – عندئذ—الخيط الأبيض من الفجر بنداء الباعة وأصحاب سيارات الأجرة: عشار، بصرة، أم البروم، الصبخة، مناوي، خمسة ميل. طبكة التنومة...

كانت بغيتي من تلك السفرة، الوصول للتنومة، فإليها حملت قرب القلب أوراق ووثائق وصور، انوي بها تقديم باكورة اولادي لدخول الجامعة، وكان قدرها ان تقبل في جامعة البصرة.

كان لابد من العبور نحو الضفة الأخرى من النهر للوصول لمبنى الجامعة في التنومة، نقف أسرابا بإنتظار الطبكة! وما أدراك ما الطبكة؟ جسر فسيح  متحرك، مصنوع من قوارب مشدودة لبعضها بعضا بنسق بدائي فريد، وعلى أديم الطبكة ترى عجبا، سيارات ودراجات ودواب وصنوف من البشر، رجالا ونساء، تلمح من يعتمر اليشماغ والعقال ومن ترتدي البكيني ومن تلتف بعباءة، طلبة وكسبة، فلاحون وعمال، وحين تمتلئ ساحة الطبكة حتى لا يعود فيها متسعا لقدم، تتململ الرحبة العائمة،، ثم تطلق زفيرا من صافرة صدئة، وما هي إلا ثوان (ي) ليكتشف ركابها إنهم  صاروا وسط الشط العريض المنكبين، شط العرب.

آه يا بصرة، ويا جامعتها التي تقاذفتها الأنواء، يا غرسة الروح  النابتة في الحنايا،سلامتك من الآه، إنتزعي حقوقك  إنتزاعا وبالحسنى، لتظلي منارة الخليج وفنار السفن الضالة؟، اوليس عجبا ان تكون البصرة كلها  جامعة للعلوم والمعارف، أهي صدفة أن يبزغ من سماواتها أساطين الفكر والعلوم والآداب والشعر والفلسفة، وأن تنمو على (حفافي) نهيراتها الأربعين،كل تلك القامات الباسقات:  الفراهيدي، وابو الأسود الدؤلي، والجاحظ، وإبن الهيثم،وإبن المقفع، وابو نؤاس والفرزدق والأصمعي والكندي  و... و..

من يزيل عن عيون البصرة  القذى؟؟ ويعيد امجادها، فنار ضوء، ومنارة  لتسابيح العلماء؟

من؟؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram