آخر الأفلام التي أخرجها بين افليك هو عمل درامي للعملية التي قامت بها وكالة المخابرات المركزية لأنقاذ ستة دبلوماسيين من ايران . في اوائل القرن العشرين، ابتكرت البارونة (اورزي) شخصية السير (بيرسي بلاكيني) الارستقراطي البريطاني الذي يتنكّر بشخصية سكارلي
آخر الأفلام التي أخرجها بين افليك هو عمل درامي للعملية التي قامت بها وكالة المخابرات المركزية لأنقاذ ستة دبلوماسيين من ايران .
في اوائل القرن العشرين، ابتكرت البارونة (اورزي) شخصية السير (بيرسي بلاكيني) الارستقراطي البريطاني الذي يتنكّر بشخصية سكارليت بمبرنيل و ينقذ أحد الابطال الشعبيين من المقصلة خلال الثورة الفرنسية . كان الفيلم الذي انتج عام 1934 يمثل نجاحا كبيرا لـ ( ليسلي هوارد )، الذي قام بعد سبع سنوات بتحديث القصة الى اندلاع الحرب العالمية الثانية ، على انه (بمبرنيل سميث) عالم الاثار من كامبرج الذي ينقذ المثقفين المعادين للنازية من المانيا الهتلرية . هذا الفيلم جعل منه هدفا شخصيا لجوزيف غوبلز، و بعد ذلك بفترة قصيرة شاهد الدبلوماسي الشاب راؤول وولمبرغ الفيلم في السفارة البريطانية في ستوكهولم ، فألهمه فكرة انقاذ آلاف اليهود الهنغاريين من أدولف ايكمان عن طريق اصدار وثائق سويدية لهم . في عام 1945 قام الجيش السوفياتي – الذي وصل الى بودابست – بالقاء القبض عليه و اختفى في ( الكولاغ ) و لم يره أحد بعد ذلك ابدا .
خطرت هذه القصة على البال في هذا الاسبوع لدى مشاهدة الفيلم المثير ( آرغو ) لأفليك ، الذي تتشابك فيه السينما بالحياة الحقيقية و المثالية على شكل نسيج واحد .
تخبرنا مقدمة الفيلم انه في عام 1953 ، نظمت وكالة المخابرات المركزية و الخدمة السرية البريطانية انقلابا أطاح برئيس الوزراء الايراني الشرعي محمد مصدق - الذي قام بتأميم صناعة النفط – و نصّبوا مكانه الشاه المدعوم بقوات الشرطة السرية الفاسدة ( السافاك ) التي ساعدت وكالة المخابرات المركزية في تأسيسها.
في 1979 ، و بعد اسقاط النظام ، تم منح الشاه حق اللجوء الى اميركا مما ادى الى اقتحام السفارة الاميركية في طهران من قبل حشود غاضبة تطالب باعادته لأجل محاكمته و اعدامه ، و جرى احتجاز جميع كادر السفارة كرهائن – و هي حادثة تمت صياغتها في الفيلم ببراعة متناهية و تمتزج فيها لقطات ارشيفية بالفيلم الجديد . الا ان ستة من كادر القنصلية تمكنوا من الهرب – بينهم امرأتان – الى منزل السفير الكندي كين تايلور ( فيكتور غاربر ) ، حيث تم ايوائهم كأصدقاء شخصيين للسفير، و هم مدركون بانهم سيواجهون الاعدام اذا ما تم القبض عليهم . في هذه النقطة تنشغل وكالة المخابرات المركزية في وضع خطط انقاذ مختلفة، أقل الخطط سوءا كانت تلك التي وضعها توني مينديز ( بين أفليك ) العميل البارد الملتحي . جاءته الفكرة خلال مشاهدته فيلم ( الهروب من كوكب القرود ) مع إبنه الصغير . كانت خطة مينديز تتمثل بتأسيس شركة من هوليوود و التظاهر بأن الهاربين الستة هم صناع افلام كنديين يبحثون عن مواقع لتصوير فيلم في ايران . ما يحصل بعد ذلك، حسب نص كاتب السيناريو كريس تيريو، يشبه فيلما عن سرقة التوراة مع بعض الاستعارات من خدعة استخبارات الحرب العالمية الثانية " الرجل الذي لم يكن موجودا " ، و هي خطة عبقرية فكّر بها شقيق منتج افلام هيتشكوك قبل الحرب ثم استخدمها هيتشكوك كأساس لأحد افلامه.
قام مينديز بتوظيف اثنين من هوليوود كمعاونين رئيسيين له ؛ خبير المكياج العبقري جون تشامبرز ( جون غودمان ) الذي صمم آذان السيد سبوك في ستار تريك، و المنتج العريق لستر سيغيل ( الان آركن ).
كل ما في الخطة كان مقنعا ؛ من نصوص الخيال العلمي الى فقرات الاخبار المنوعة و الاعلانات و صور القصة و قصص الغلاف المصطنعة للدبلوماسيين الذين تقطعت بهم السبل .
أخيرا استقر الفريق على سيناريو يبدو فظيعا ، اطلقوا عليه اسم " آرغو " . بعد ذلك تحركوا نحو مرحلة العد التنازلي ، حيث أخذ مينديز دور بمبرنيل على انه كيفن هاركينز المنتج الكندي المشارك. و طار الى طهران مع غليونه ليوحي بقلقه حول المشروع . منذ ذلك الحين تبدأ المشاكل غير المتوقعة بالظهور .
هذا هو ثالث افلام بين أفليك المثيرة . في فيلمه الاول – كل شيء ذهب يا صغيرتي – هناك مؤامرة لطيفة يشترك فيها موظفون شرفاء؛ فيلمه الثاني – المدينة – عبارة عن سرقة يقوم بها محتالون محببون من بوسطن . اما في هذا الفيلم، فانه يجمع كلا الموقفين . ساعده، بشكل يثير الاعجاب، ممثلون بارعون ، و في التحرير وليام غولدنبرغ ، و الانارة المصور السينمائي المكسيكي رودريغو بريتو و في تصميم الانتاج شارون سيمور . اعطى بريتو و سيمور احساسا متميزا بالتصاميم : بريق هوليوود، مكانة البيت الابيض المرموقة، صخب مقر وكالة المخابرات المركزية، الخوف من الاماكن المرتفعة في بيت السفير الكندي، شوارع طهران الخطيرة في فترة الارهاب مما يذكّرنا بالثورة الفرنسية .
هناك بعض الكليشهات النوعية مثل ( السيارة الهاربة التي تعاني من مشاكل التشغيل، و رنين الهاتف في مكتب فارغ ) و بعض الاخطاء المزعجة مثل لوحة هوليوود المتداعية التي توحي بان صناعة السينما تمر بأزمة رغم ان رمز لوس انجلس هذا قد تمت استعادته بالكامل عام 1978 . لكن هذه هي الخفايا في فيلم رائع يتضمن موسيقى تصويرية لتكريم المشاركين من قبل الرئيس جيمي كارتر الذي اعطى الضوء الاخضر لعملية الانقاذ و الذي كان يأمل ولاية ثانية في البيت الابيض الا ان أزمة الرهائن قد افسدت كل شيء .