TOP

جريدة المدى > سينما > الدورة الثالثة والستون لمهرجان برلين السينمائي..مشهد جديد لسينمات العالم

الدورة الثالثة والستون لمهرجان برلين السينمائي..مشهد جديد لسينمات العالم

نشر في: 20 فبراير, 2013: 08:00 م

السينما العربية لها حصة وافرة في مهرجان برلين السينمائي الدولي، مثل غيرها من سينمات العالم، فسعته وتنوع ما مقدم فيه تولد ذاك الاحساس عند الجميع بأن فرصهم فيه كبيرة ولهم حظوة ليست أقل من تلك التي عند الآخرين فالروس على سبيل المثال عندهم هذا العام كماً

السينما العربية لها حصة وافرة في مهرجان برلين السينمائي الدولي، مثل غيرها من سينمات العالم، فسعته وتنوع ما مقدم فيه تولد ذاك الاحساس عند الجميع بأن فرصهم فيه كبيرة ولهم حظوة ليست أقل من تلك التي عند الآخرين فالروس على سبيل المثال عندهم هذا العام كماً جيداً من الأفلام وكذا بقية الدول التي استقالت من اتحادها السوفيتي السابق، مع أن امتداد السينما الروسية في تلك الدول غير خاف، ويظل مرجعاً لكثير من سينمائييها من بينهم الروسي بوريس خليبنيكوف وفيلمه "حياة طويلة وسعيدة" الذي يوصف نقدياً كفيلم "أجواء" أكثر منه فيلماً تقليداً  وفيه الكثير من روح المهرجان "الثورية" في معناها التجديدي أي محاولة التغيير بأساليب مختلفة عن تلك الكلاسيكية المعروفة وقد تتعارض معها بشدة وربما تسخر منها فبطل خليبنيكوف لم يعارض استغلال الرأسماليين الجدد بثورة جماهيرية على غرار ثورة أكتوبر بل تُرك لوحده يكمل خياره بمعارضة غير مجدية كرست وجوده كضحية، مرتين، وبنفس الروح يمكننا فهم اشراك "البؤساء" الجديد، الأوبرالي الإسلوب، مع أنه تجاري ونزل في صالات عرض عالمية لكن ما فيه يتوافق مع روح الدورة مع ثوريتها بإعتبار رواية فكتور هيجو العظيمة "البؤساء" التي أقبس الفيلم عنها لأكثر من مرة، قرأت تاريخ الثورة الفرنسية والظروف التي دفعت الجماهير للخروج على بطر وترف ملوكهم واحتجاجاً على بؤسهم وشقائهم. ثمة رفض آخر مقارب وفي فرنسا نفسها لتشدد كنيستها خلال القرنيين الثامن والتاسع عشر، قادته هذة المرة صبية مراهقة عبر صدقها ورفضها المضي مع ضوابط الحياة الداخلية للكنيسة. "الراهبة" قراءة غيوم نيكلو متمعنة للجور الممارس ضد كل معترض وصادق مع ذاته في مواجهة مؤسسة مفسدة تنتج سلوكيات سيئة وقيماً ترتكن الى الكذب بإسم الدين.
ثمة حضور للسينما العربية لا يمكن تجاهله بخاصة وأن جودة ما معروض منه يبرر مشاركته في مهرجان كبير ومهم مثل برلين بل يسمح باعتباره رافعة حقيقية في هذة الحالة وليس بغيرها  للمُنتَج العربي وقتها لا يعد غيابها عن المسابقة الرسمية له كبير أهمية كون بقية الخانات  فيه لا تقل شأناً عن المسابقة الرئيسية  فالمهرجان في النهاية وحدة ابداعية وعلى هذا الأساس يفسر أحياناً اختيار أفلام أقل مستوى بكثير في المسابقة عن أخرى مدرجة في "البانوارما" التي يعرض فيها فيلم مهدي فليفل الوثائقي "عالم ليس لنا" أو أخرى في برنامج "الفروم" التي أدرج بين أفلامها  "لما شفتك"  للفلسطينية آن ماري جاسر  و"الخروج للنهار" للمصرية هالة لطفي على سبيل المثال.
من بين وثائقيات الدورة ال63 فيلم "الدولة "194" للمخرج الاسرائيلي دان سيتون والذي جاء أقرب الى بورتريه شخصي لرئيس الوزاء الفلسطيني سلام فياض ودوره المهم في قبول عضوية فلسطين كدولة مراقب في الأمم المتحدة. ينطلق "الدولة 194 " من اللحظة التي كسبت فيه اسرائيل موافقة أغلبية دول العالم عام 1948 على اعتبارها دولة مستقلة جديدة، وكيف يعيد لتاريخ نفسه بفارق أن الفلسطينيين يريدون انتزاع اعتراف العالم بدولتهم المطلوبة على أرض هي أرضهم في حين كانت أغلبية دولة اسرائيل مكونة بشرياً من يهود  جاءوا اليها من خارج تراب تلك الدولة! بين اللحظتين تتجمع صورة الرجل المثابر وصورة الدولة القادمة، الجديدة.
لا يأخذ التسلسل التاريخي حيزه في هذا الوثائقي بقدر ما للسيرة وتدوينها ليوميات قائد آمن بفكرة إشتغل عليها بجهد وصبر ووعي بآليات اتخاذ القرارات على المستوى الدولي والطريقة المناسبة لتوظيفها في صالحها. في هذا السياق يظهر الفلسطيني ككائن واعي لمصالحه ويُجَير كفاءته لغايات وطنية يعرف كيف يعرضها على عكس ما عرفه العالم عنهم عبر اعلام معاكس، ومسيطر عليه، بل من مفارقات الصورة المعروضة ظهور قادة اسرائيل كرجال عديمي الحيلة متطرفين في أفكارهم معتمدين على قوة اللوبي الخارجي اليهودي في توصيل ما يريدونه للعالم، في حين بدا ضعف الحال الاقتصادي في المناطق الفلسطينية والعمل على تحسينه في برنامج تنموي أشرف عليه وتابعه فياض مدعاة للإعجاب به وبشعبه ولهذا فيلم "الدولة 194" ايجابي منصف لواقع لا يعرفه الكثيرون حتى سلام فياض ظهر فيه كسياسي من نوع نادر قل مثيله في العالم الثالث. رجل عرف ما يتطلبه استصدار قرار تاريخي ينقل القضية الفلسطينية الى موقع متقدم ويؤسس  لقيام دولة. واحدة من التوصيفات الحقيقية للشعب الفلسطيني بأنه شعب متعلم. هذا التوصيف يشتغل عليه الوثائقي بروية حتى يتجسد بأدق تفاصيله. شعب صغيره وكبيره يريد عرض قضيته وفرصة النجاح في اختبارات الدول المناحة صعبة وتتطلب قوة عزيمة وعمل والظهور كقوى بشرية سلمية تريد العيش دون اعتداء على أحد تلزم لغة واضحة يسمعها العالم ويفهما والأكثر يقتنع بها كل هذا جاء في بورتريه جميل لقائد بسيط وضع نصب عينه هدف اشتغل عليه وحقق جزء منه وظل في الظل ففي الصورة الأخيرة كان أبو مازن هو الزعيم الذي أعلن دولته للعالم وبهذا العمل جسد الفلسطينيون ارادة عمل جماعية أرادت قوة متشددة التشويش عليها لكن ما تحقق أجبر الجميع على التغني بمنج مهم على مستوى القضية الفلسطينية وعلى مستوى مصداقية الوثائقي الذي حمل اسم "الدولة 194".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram