TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > دمقرطة العراق

دمقرطة العراق

نشر في: 20 فبراير, 2013: 08:00 م

لاشك أن الحديث عن الديمقراطية ودولة القانون والمؤسسات في العراق قد لا يبشر بالكثير من الامل في ظل التدهور الأمني والسياسي المتواصل في العراق، فالحديث عن الانفتاح السياسي ومشاركة الفرد العراقي في صنع القرار السياسي لم يتحول بعد الى ممارسات عملية على ارض الواقع، بل وظلت الحرية والديمقراطية شعارات وكلمات رنانة تطلقها الأحزاب السياسية في الدعايات الانتخابية والقادة في خطاباتهم الإنشائية، فالتحول والتغيير السياسي مرهون بالفعل وتحول الشعار إلى قناعة والوعد الى فعل، فالأطراف السياسية  قبل 2003 كانوا لا يتحدثون الا عن التغيير والديمقراطية والمشاركة الشعبية، وكيف ان النظام الدكتاتوري قد جلب للعراق الدمار والجمود على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا ان المشكلة الرئيسية في ذلك الوقت وحتى الآن كان الوصف من دون مشروع سياسي او بديل ينقذ البلد من ويلات المأساة  من خلال مشروع تنموي اصلاحي شامل، ونظرا لان الشعب كان يبحث عن التغيير دون التفكير بمستوى القادة المنادين بالتغيير او التفكير في مستقبل العراق ظلت العاطفة واللاموضوعية من المقاييس الأساسية في الحكم على الأطراف والأحداث في العراق.

فالأطراف السياسية في العراق بدؤوا يستخدمون عطف الجماهير وردود أفعال الأفراد في صياغة سياسات طائفية وفئوية على حساب المصلحة العليا للبلد ومحاولة ربط الفشل السياسي بمشاريع طائفية وأجندة خارجية وبذلك تحول العراق من دولة إلى شركة ربحية مقسمة على الأحزاب، وبذلك انقسم المجتمع العراقي إلى طبقات وفقد التوازن الطبقي لكون الأقلية قد احتكرت كل الموارد وتحولت الأحزاب الى وكلاء لبيع النفط في السوق السوداء وفي مقابل ذلك ازداد الفقر والتهميش والحرمان بالنسبة للعامة من الشعب، وتراجع المستوى التعليمي والخدمي في العراق، بل والأكثر من ذلك ظل المواطن العراقي يجاهد من اجل الحصول على قوته وتأمين ظروف أمنية له ولعائلته، أي أن وظيفة الدولة تحولت إلى وظيفة الفرد وبذلك تحول الشعب الى خدم السلطة السياسية على عكس كل الأعراف السياسية المتداولة في العالم المتحضر. ان الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 2003 إلى الآن حكومات فاشلة بالمفهوم السياسي يعتبر التخلص منه ضرورة وطنية ملحة، فالسلطة تساهم في صناعة الأزمات لكي تحكم في ظل الازمة وذلك لكون مهمة الإدارة السياسية في ظل الأزمة أسهل وأهون على القائمين على السلطة من مهام وواجبات السلطة في الظروف الاعتيادية.

ان الوقت قد حان لبدء عملية دمقرطة العراق بالتخلص من النماذج السياسية التي اثبتت عدم درايتها بالسلطة وفنون إدارة المجتمع، إن الدمقرطة الفعلية في العراق تبدأ من الشارع والحكم على التصرفات والمشاريع والوعود الانتخابية التي قطعتها قادة الاحزاب السياسية في الانتخابات العامة في 2005 و 2010، ولكي يتحقق ذلك لابد من تغيير الاجندة التي تحكم الشارع العراقي في الوقت الراهن، والاجندة معروفة للمشاهد قبل المحلل، فالطائفية والفئوية والتطرف الفكري كلها ستغذي استمرار العاهة العراقية، وتستمر معها الازمات والمسائل العالقة التي تمس الحياة اليومية للفرد العراقي. وهكذا تكون عملية دمقرطة العراق ضرباً من الخيال اذا ما استمر الفهم السياسي على هذه الشاكلة، واستمر القادة العراقيين في توجيه الاتهامات المتبادلة والحديث عن المؤامرة الكبرى ضد العراق، فالعقلية السياسية التي تحكم البلاد في المرحلة الراهنة هي اشد خطرا على العراق من المؤامرات الخارجية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ريبر هبون

    العراق كسوريا أو كأي دولة ضمن دول اتفاقية سايكس بيكو صناعة خارجية وقادتها من الخارج أو تحت وصايتهم فالمؤامرة وشروط تحققها هي من الخارج ومصبها للداخل في ظل إدارات لا تمثل الشعب أساساً إنما نستطيع القول أن العراق بكامله محيمية طبيعية لمختلف الإدرات التي تمث

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي

إدارة الاقتصاد العراقي: الحاجة الملحة لحكومة اقتصادية متخصصة

د. سهام يوسف بعد مصادقة المحكمة الأتحادية على نتائج الانتخابات الأخيرة، يقف العراق على أعتاب تشكيل حكومة جديدة. هذه الحكومة ستكون اختبارًا حقيقيًا لإصلاح الاقتصاد العراقي المتعثر، حيث تتوقف عليه قدرة البلاد على مواجهة...
سهام يوسف علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram