ليس صحيحاً أن الدولة العراقية نسيت المواطن احمد القبانجي في إيران، كل ما في الأمر أنها كانت مشغولة بالسؤال عن صحة أفراد في المعارضة البحرانية، وجلست تفكر وتفكر في طريقة جديدة لمساعدة المعارضة البحرينية ومساندتها، ولذلك لا أوافق أبدا على ما ذهب إليه البعض من أنه كان يفترض أن يترك مسؤولونا الكبار مشاغلهم الضخمة ومسؤولياتهم الجسيمة وأعمالهم الخطيرة ليضيعوا دقائق من وقتهم الثمين في إصدار تصريح صغير يطالب الحكومة الإيرانية، بالأسباب التي دعتها لاعتقال المواطن العراقي احمد القبانجي.
وما دام ذلك كذلك فلا أتصور مثلا أن تطالب الخارجية العراقية من السفير الإيراني ان يقدم توضيحا لملابسات اعتقال القبانجي، ولا لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان يمكنها أن تصدر بيان إدانة لهذا الفعل التعسفي، فنوابنا كان الله في عونهم مشغولون طوال الوقت بالتنظير لمصالحهم الشخصية، وممارسة رياضة التزلّف للجارة إيران والجارة تركيا والجارة السعودية.. كما أن بعض ساستنا لا يمكن ان يقتطعوا من وقتهم الثمين دقائق ليسألوا لماذا اعتقلت المخابرات الإيرانية المواطن احمد القبانجي.. فهم مشغولون للتحضير لمعارك الشحن الطائفي.. والتهيئة لحرب أهلية يتقاسمون بعدها "الكعكة العراقية" بالتراضي.
وقد يتخابث البعض ويسأل: لماذا لم يصدر بيان رسمي، أو برقية من الخارجية تدين اعتقال مواطن عراقي.. وتطالب بإطلاق سراحه غير أن هذا السؤال مردود عليهم لأن الحكومة والبرلمان عن بكرة أبيهم مشغولون بدفع عجلة التنمية والتطور الى الأمام بمساعدة خيرة كفاءات البلد.. ثم إن لديهم ملفات أخرى أكثر أهمية من أداء واجب الدفاع عن مواطن عراقي، فهم يصلون الليل بالنهار لكي يحسموا مسألة المنافع الاجتماعية للمسؤولين الكبار.. والميزانية التي ستخصص لمكتب رئيس الوزراء.. وحجم المقاولات التي ستمنح لأي سياسي يؤيد خطوات الحكومة في القضاء على التظاهرات.. والاهم مناقشة حصص كل سياسي في هذا الوطن، وكيف يتم استثمارها في عقارات أو بنوك دبي ولندن وعمان.
وقد يتآمر البعض ويتوقف بالتفكير قليلا في المقارنة بين حجم ودرجة الاهتمام العراقي بتأييد مطالب المعارضة البحرانية.. والدفاع عن حق بشار الأسد في مواصلة قتل شعبه، وبين الصمت على موت العراقيين وتهجيرهم من أماكن سكناهم، واعتقالهم في بلاد الغربة، وهى مقارنة لا تجوز لأسباب عدة، ليس من بينها أن القبانجي يسبب صداعا لأحزابنا المؤمنة، وان المواطن العراقي في ظل حكومة "النهب" الوطني لم توضع له تسعيرة حتى هذه اللحظة، إذ يمكن لأي شخص أن يقرر قتل مواطن بريء واعزل، وبإمكان أي ضابط شرطة ان يمنحك لقب إرهابي ويعتقلك دون أن يرف له جفن، واعتقد أن هذه الخطوات هي جزء من الحلول التي تطرحها القوى السياسية للقضاء على ظاهرة زيادة السكان في العراق، وأيضاًَ لأننا نعيش في ظل نظام سخي مع المجرمين والقتلة.
لقد عشنا جميعا أشهرا طويلة مع فاصل البكاء والنحيب الذي قام به عدد من نوابنا الأشاوس وهم يروّن لنا حادثة الشاب البحريني الذي دهسته سيارة حكومية.. وكيف شمر البعض عن سواعده وقرر أن يبحر في سفينة تنقذ البحرانيين من بطش حكومتهم، واستمتعنا جميعا بواحدة من خطب السيد رئيس الوزراء والتي قال فيها "العراق تقدم كثيرا في منح حقوق الإنسان.. وان العراقي اليوم أصبح يتباهى بعراقيته سواء في الداخل أو الخارج"، واسأل ماذا تعني هذه الكلمات لمواطن عراقي مهان ومذل في إحدى زنازين المخابرات الإيرانية.
لقد كنت مستعدا للبقاء أسيرا لنظرية "الصدفة" وأن أصدق ما جرى مع القبانجي مجرد إجراء امني، لولا تصرف السفير الإيراني في العراق، وموقفه الرافض لاستقبال مجموعة من خيرة مثقفي البلد أرادت أن تسلم عريضة احتجاج ضد اعتقال القبانجي.. فقد تعامل الرجل باستعلاء ولم يكلف نفسه إرسال ولو مبعوث شخصي عنه يحاور المتظاهرين.
وكنت حتى الامس بصدد إخضاع نفسي الأمارة بالسوء لتدريبات قاسية على استقبال خبر رفض السفير مقابلة المثقفين العراقيين لكن للأسف كل ذلك ذهب أدراج الرياح، وحرمتني مقولة السفير بأنه لا يستقبل متظاهرين غير حاصلين على اجازة من الحكومة، من رغد العيش تحت ظلال نظرية "النوايا الحسنة" فقد اعتبر السفير الايراني مطالب المثقفين العراقيين غير شرعية لأنهم لم يأخذوا الاذن من الحكومة العراقية، والتي أثبتت "عربون" محبتها للسفير بان اعتبرته مواطن من الدرجة الاولى في العراق، وعليه يجب ارسال قوات خاصة من مكتب رئيس الوزراء لحمايته من هتافات وشعارات يحملها مجموعة من "الغوغاء" يدعون انهم مثقفون واعلاميون وناشطون مدنيون نسوا ان الحكومة تتعامل مع اعتقال القبانجي وفق نظرية "كابوس وارتاحينه منه".
القبانجي عربون محبة لإيران
[post-views]
نشر في: 22 فبراير, 2013: 08:00 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 1
علي الخزعلي
الاستبداد واحد سواء كان دينيا او مدنيا ويخاف الفكر الحر وقد استغربت اعتقاله في ايران بدلا من محاورته باعتبار ايران ثوره اسلاميه تخوض التجربه وتكون مثلا لحريه الاجتهاد وحريةالعقيده ان اعتقاله جرس انذار لكل المثقفين المتنورين في العراق