اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > حرب الإرادات بين التعاطي والإدمان على المخدرات والكبسلة !

حرب الإرادات بين التعاطي والإدمان على المخدرات والكبسلة !

نشر في: 23 فبراير, 2013: 08:00 م

قال الشاب وليد جمال بشفاه مرتجفة ووجه ذابل  وجسم نحيل من كثرة تعاطيه حبوب الهلوسة  إن ندماء " السكرة" يختلفون في أساليبهم بالحصول على النشوة كما يُسميها، فمنهم مَن يتعاطى الحبوب وآخر بالشم وقليل منهم مَن يتعاطى بزرق الأبر، ويوضح بأنه من الذ

قال الشاب وليد جمال بشفاه مرتجفة ووجه ذابل  وجسم نحيل من كثرة تعاطيه حبوب الهلوسة  إن ندماء " السكرة" يختلفون في أساليبهم بالحصول على النشوة كما يُسميها، فمنهم مَن يتعاطى الحبوب وآخر بالشم وقليل منهم مَن يتعاطى بزرق الأبر، ويوضح بأنه من الذين  يتعاطون الحبوب منذ خمسة عشر عاما ، ويؤكد من خلال كلامه تناوله انواعاُ مختلفة من الحبوب (الوردي ، السمائي) إلا ان الحبوب المختصة بتعاطيها هي حبوب (أبو الصليب ) السويسري المنشأ , فالعلبة الواحدة تحتوي على 31 حبة يتناولها جرعة واحدة وينفصل عن العالم الخارجي لحظة تناولها، مستمراً لمدة اسبوع كامل ، ويصحو على خيبات أمل جديدة ، ويوضح حصوله على الادوية المخدرة من الصيدليات (العِِرف) من دون وصفة طبية ، وان هذا النوع من الحبوب له تأثير كبير تدفع متعاطيها الى ممارسة الجريمة والعنف ، حيث انه لن يتردد بفعل أي شيء للحصول على النشوة!

المصريون عرَّابو الظاهرة
بدأت هذه الظاهرة بالتنامي والانتشار ، في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات ،وعرَّابو هذه الظاهرة هم العمالة المصرية في العراق ،فمنذ زمن النظام السابق بدأ استقبال المصريين من اصحاب السوابق والمحكومين بجرائم تتمثل بالرذيلة والعشوائية ،واعطائهم حقوقاً لا يحصل عليها المواطن العراقي ليدخلوا الى المجتمع العراقي  ظواهر لا  تمت  له بصلة ولم يألفها، فبدأوا يبيعون هذه الحبوب وتعليم الشباب كيفية تعاطيها، فمنهم مَن يبحثون عن المتعة والتسلية والخيال والإنفصال عن العالم (ذهنياً) من خلال تعاطيهم تلك الحبوب، وعندما يقلّ مفعولها فتراهم يزيدون نسبة الجرعات للحصول على المزيد من النشوة والخيال، والطيران في عالم الخيال  بلاحدود !! لفترة وجيزة تبدأ من ساعات الصباح حتى الليل.
(المدى ) قامت بجولة بين متعاطي العقاقير المخدرة والأسباب التي تدفع الشباب لتعاطيها .
عامر (كبسولة ) أوضح لـ(المدى)  كما يناديه بعض من اصدقائه ، بأن اول تجربة له للتعاطي في سن 17 عاما ،و يتعاطى في اليوم الواحد من ثلاث الى اربع حبات ،وتنتابه نوبات ضعف في الجسم مصحوبة برعشة في الاصابع ،وبعدها يسري مفعول الحبة ويشعر براحة تامة واستقرار في الرأس ،وينفصل عن العالم الخارجي الى عالم الخيال واللامبالاة ،وبذلك يهرب الى عالم بعيد عن الواقع.
نهاية بلا ماض ٍ ولا مستقبل
يتحدث (س.م) للمدى الذي اعتلت جبهته  نوبات من الخجل ،مما ألحقه بنفسه وبأهله من خطر محدق ،حيث بدأ رحلة الإدمان على هذه الحبوب المخدرة (الارتين والوردي) وهذا النوع من الحبوب ، تجعل الانسان هادئاً لا يحب التكلم ويفضِّل الانعزال عن الآخرين ، يوضح بان اول مرة تعاطى بها كانت في المرحلة المتوسطة واستمر الى ان بلغ  32 عاما، أي منذ سبعة عشر عاما  والكارثة العظمى بأنه لا يتذكر من تلك السنين التي اندثرت في ثنايا تعاطيه  سوى ذكريات تملؤها حزناً وخوفاً من النهاية التي تنتظره من مرحل الاشباع على الادمان ، ويرى بان كل يوم مرَّ عليه يوم بلا ماض ٍ خال ٍ من المستقبل المشرق ،والآن هو بانتظار ثغرة أمل تسترق ما تبقى من حياته المظلمة.
من الإدمان صحا على الإعاقة
قال أبو هيجة لـ(المدى) كما يناديه اصحاب الكار لإدمانه المفرط، والتهيج الذي يصاحبه عند تناول حبوب (ابو الحاجب) كما يُطلق عليه تجار الصنف (البندرجية) ،فاول مرة تعاطيت فيها سنة 1990 في احدى السجون العراقية وذلك للتخفيف من الوحدة التي تنتابني بين جدران السجن ، ويتم الحصول عليها عن طريق بعض العصابات الداخلية التي تتناوب هذه العملية  لبيعها ، وعندما خرجت من السجن اصبح الحصول عليها بصورة اسهل مما تصورتها ، ونحن في سنة 2013وها انا اعاني من تلفٍ في الأعصاب ، وشلل رباعي كامل هذا ما جنيته من الادمان فعيني بعين الله ، ويستمر في الحديث متناولا مثالا عن رفيقه في الزنزانة الذي اسقط ابنته من الطابق الرابع ، لتوهمه بأنه وضع ابنته على الارض وهو يحملها ،و تراوت له مخيلته بسبب تناوله حبوب الهلوسة بأنه وضعها على الارض فأسقطها مقتولة ، ومنذ ذلك الوقت يجلس منفرداً في زوايا الزنزانة ولم تغادر عينيه الدمعة لما اقترفه من ذنب بحقه وبحق ابنته الصغيرة .
نافذة أمـل للإرادة الأصلب
وبالاتصال مع( خ.ع) الذي حملت نبرات صوته كثيراً من الحزن والألم  وهو يتذكر الأسى الذي عاناه جراء تناوله حبوب (الأرتين) في ريعان شبابه الذي لا يستذكر منه  شيئاً سوى الذكريات المبتذلة ،وتقهقهات على ارصفة الطرقات حيث لا تحمل موعظة تذكر لاستذكارها لأطفالي، كما كان والدي يستذكر ذكرياته الجميلة امامهم  ، فلا املك سوى ماض ٍغير مستحب ،ويوضح شعوره بالأسى على حاله ،وبذلك قررت ان اُواجه المعركة الحاسمة ،بيني وبين نفسي وهي ما تعرف بحرب الإرادات والفائز في هذه المرحلة من يمتلك الارادة الأصلب ،وبدأت اول يوم لترك الادمان مصحوباً بألم شديد في الرأس وفقدان للشهية ،ولم يكن للحياة طعم من دون تلك الحبوب ، إلا انني افقد اعصابي تارة وتارة اخرى اشعر بضعفي وعدم امتلاك الارادة الكافية للهروب من الواقع الذي أقحمت نفسي به ، فأثبت لنفسي بأني قادر على التغلب على الادمان ونسيان تلك الشخصية الضعيفة، ومرَّت الايام والاشهر ، وها انا اليوم متزوج ولي اربعة اطفال افتخر بكوني والدهم الذي لم ينصع للخذلان او الاستسلام.
تنوعت العقاقير والمـوت واحد!
تعددت الوصفات التي يتخذها البعض بديلاً للمخدرات لرخص أثمانها إبتداءً من أدوية الحبوب المنومة والمهدئة التي يتم استخدامها بدلاً من المخدرات الحقيقية وهذا ما أكدته للمدى( حنان) صيدلانية في الاعظمية ومنها " فاليوم 10 " ذات اللون الأحمر إيرانية المنشأ الذي لا تتعامل به ، وأدوية المفاصل منها دواء (باركسنر ) المعروف بالوردي الذي يوصف للشلل الرعاشي،على الرغم من إنها غير مشاعة بين الكثيرين لأنها تحتوي على نسب مخدرة ولكنها بالنتيجة عند زيادة الجرعة سيصاب مَن يتناولها بهلوسة، وكذلك ادوية الحساسية والألبريوم مهدىء الأعصاب وشراب السعال (الكحة ) لدى الأطفال المعروف ( توسيرام 8 ملغم ) الذي يحتوي على نسبة من مادة ( بلموكودين ) ومقشع ( كودايين ) الذي يحتوي على 10 ملغم من مادة البروفين، وأيضاً رائحة مادة السيكوتين، وأما الأدوية المؤشرة فعلا لمن يتعاطاها بأنه مدمن هي " باركزول " وحبوب الآرتين وحبوب أم الصليب ويقصد بها " المكدون " والحاجب.. إن جميع هذه المواد والأدوية تعمل على إرخاء اعصاب لمن يتناولها والكثير منها يؤدي الى الهلوسة إن أُخذ ت بجرعات كبيرة تفوق وصفات الطبيب المتخصص .
واما بالنسبة  للصيدلانية (ن.ص) التي تؤكد للمدى : بأنه لا دور لنقابة الصيادلة سوى امتصاص الاموال من اصحاب الصيدليات  وفرض سبع  أوراق على كل صاحب صيدلية ،وتؤكد أيضا عدم وجود رقابة او شروط معينة في بيع انواع محددة من الحبوب ، ولكن لا نقوم ببيعها خوفاً من ضررها على المجتمع العراقي وخاصة شريحة الشباب ، وليس شرطاً فرضته علينا الرقابة ، فلا تستطيع ان تتخذ النقابة اية اجراءات  بحقنا عند بيع هذا النوع من الحبوب لاننا كصيادلة نستطيع تشخيص الحالة واعطاء الدواء حسب الحالة وحاجتها .

فقدان الرقابة يُفاقِـم من انتشارها
وقال الاختصاصي النفسي الدكتور حيدر المالكي لـ(المدى) : ان هناك اسباب نفسية واجتماعية عدة وتلك الاسباب فقدان الرقابة على الصيدليات واعطاء الادوية من دون وصفة طبية ، ويرى ان90% من اصحاب الصيدليات لا يمتلكون  مؤهلا علميا فتكون مجرد بقالة ،وايضا هناك اسباب اجتماعية بارزة ويجب الفات النظر اليها وهي عمل الشباب بعيدا عن متناول انظار الأهل  والتعرف على اصدقاء سوء يستدرجونهم  للتعاطي ، ويؤكد المالكي  وجود هذه الادوية مفروشة على الارصفة بشكل علني امام السيطرات ،وقريبة من الشارع في الباب الشرقي  يدفع مروجوها بيعها بأبخس الاسعار لجهلهم  بنوعها، وفي دول العالم تباع بآلاف الدولارات لندرتها ، ويوضح ان اسعارالادوية المخدرة في العراق رخيصة جدا تصل الى 500  دينار للارتين والمضاد الحيوي الى 3000 دينار للشريط الواحد .

الحشيشة داخل حمامات الكليات !
مسألة اخرى يؤكدها المالكي هي انتشار الادمان بصورة هائلة (المرجوانة ، والحشيشة ) داخل الكليات ،ووجود عدد من الحالات التي تمت معالجتها من قبلنا في مستشفى الكاظمية التعليمي ،ومن ابرز تلك الحالات ،حالة طالبة في (كلية ......) وهي من عائلة ميسورة الحال ومثقفة ،لكنها تتعاطى الحشيشة بكثرة مع عدد من الطالبات داخل حمامات الكلية ، وتدخل تلك المواد المخدرة على شكل (سكائر ) او عن طريق زرق الاُبر في حمامات الكليات ، حيث تم ادخالها المستشفى للعلاج ذلك في عام 2003 وبسبب تعقيد المشكلة استمرت بالمعالجة حتى تعافت عام 2006  ، اما الحالة الثانية طالب في الاعدادية يتناول من خمسة الى ستة انواع من الادوية المخدرة ، حيث تناولها لاول مرة في سوريا وعند عودته الى العراق اكتشفت والدته التغيُّـر الذي طرأ عليه ، فاصطحبته للمعاينة واعترف بتعاطيه وتم اخضاعه للعلاج والمراقبة ، فأصبح حاله بعد انتهاء العلاج افضل بكثير بحسب قول الطبيب .
المواطن علي عدنان يقول: إن المساهم الاول في انتشار ظاهرة المخدرات في العراق وخاصة في المحافظات ،هو بسبب قيام السلطات الحكومية باغلاق النوادي الترفيهية ومنع المشروبات من دخول المحافظة، لتنتشر المخدرات وخاصة في المقاهي التي تقدم الأركيلة للشباب، وتلك الاركيلة غالبا ما تكون محشوة بالمخدرات ،فضلا عن انتشار تجارة الحبوب المخدرة،وهذا الامر حدث ايضا إبان سلطة النظام السابق حين اطلق العنان لحملته الايمانية كما يزعم لتنتشر بين الشباب ظاهرة استنشاق السيكوتين وغيره من المواد المخدرة كما يرى عدنان!!

العلامات التي تصاحب المدمنون
قلة في التركيز.
الإنعزال والنوم الطويل .
فقدان الشهية .
شحوب الوجه وفقدان الأعصاب لأشياء ليست ذات أهمية .
ثقــل في اللسان وصعوبة في نطق الكلمات.
تغيـُّر في شخصية الفـرد  من ناحية الهيئة والملبس والسلوك .
التأثيرات الجانبية والاجتماعية
ضعف في القلب والبصر.
ارتخاء بالأعصاب.
ثقـل في اللسان وتعرض بعضهم الى جلطات دماغية .
يبدأ المتعاطي بالإنعزال عن المجتمع ، وصعوبة التواصل بالدراسة والتوجة الى الجريمة للحصول على المال  ومشاكل زوجية او طلاق او تعدد الزوجات .
كلمة ليست بالأخيرة
خلال جولتنا للوقوف على الحلول الإيجابية والسلبية للحد من انتشار المخدرات، والدورالفعال الذي تمثله وزارة الداخلية  في ما يخص هذا الامر، فان بعض مسؤولي مكافحة المخدرات لم يردُّوا على اسئلتنا في ما يخص المسؤولية المترتبة على عاتقهم، وايضا التاكيد على  دور الإعلام في توعية الفرد والمجتمع لاحتكار تلك الحالات والتقليل منها ، التي باتت تجتاح مجتمعاتنا المثقفة ،فيجب توعية الاولاد والاهل من خلال وسائل الإعلام  ، والتحذير من تناول اية حبوب غريبة او سكائر ذات طعم غريب ،  و الابتعاد عن قناني العصائر المفتوحة التي تستخدم لاستدراج الاشخاص من خلال  وضع الحبوب في قنينة العصير ، وبعد الادمان  تقدم بصورة مباشرة ، وللحــد من تلك الظاهرة وانتشارها نحتاج الى تعاون من قبل وزارتي الصحـة والداخلية ،
فيجب ان تكون هناك رقابة من قبل نقابة الصيادلة ومراقبة الاشخاص الجالسين في الصيدلية ،  والتأكد من تأهلهم في بيع تلك الادوية ، وفرض نظام صارم من قبل نقابة الصيادلة على اصحاب الصيدليات .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. Adil Al-Zubaidy

    الف ومليون مبروك لكل المسؤولين ألشرفاء في عراقنا الجريح والذي سيبقى كذلك مادام هنالك أشرار على هرم السلطة

  2. الشمري

    بالثمانينات أدخل صدام المجرم 8 ملايين مصري خريجين سجون و هم من قام ببيع حبوب الهلوسة على العراقيين

يحدث الآن

تربوي يشيد بامتحان "البكالوريا" ويؤكد: الخطا بطرق وضع الأسئلة

إطلاق سراح "داعشيين" من قبل قسد يوتر الأجواء الأمنية على الحدود العراقية

(المدى) تنشر مخرجات جلسة مجلس الوزراء

الحسم: أغلب الكتل السنية طالبت بتعديل فقرات قانون العفو العام

أسعار صرف الدولار في العراق تلامس الـ150 ألفاً

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram