فتح اعتقال أحمد القبنجي الباب واسعا أمام مناقشة الكثير من المواضيع المهمة، ومنها الحق بالاختلاف وما يتعلق به من حقوق والتزامات وما يثيره من حساسيات، خاصة وان القبنجي صارخ في اختلافه وحاد جدا في طرح وجهة نظره، الأمر الذي جعلني -من ضمن مجموعة من الكتاب العراقيين- اختلف معه في بعض وجهات نظره. لكن لفت نظري ردود افعال بعض الإسلاميين على مطالبتنا السلطات الإيرانية بالإفراج عنه، فردود الفعل هذه لم تكشف عن رفض مجتمعنا للحق بالاختلاف، ولا عن تعاملها بقسوة مع المختلف، بل فوق ذلك عدم تمييزها بين حق المجتمع بالدفاع عن معتقداته وبين انتهاكه لحقوق أفراده. فإذا تذكرنا بأن الموروث الإسلامي أكد على هذا التمييز، قفز إلى أذهاننا سؤال طالما اهتممت به من خلال كتاباتي، سؤال يتعلق بقدرة الأديان وبقية الإيديولوجيات الإصلاحية على ترسيخ مبادئها في أذهان الناس. فهذا الإمام علي يشرف بشكل مباشر على حماية حقوق ابن ملجم، قاتله، ويوصي ابنه الحسن بأن يحسن معاملته ويعتبره أسير حرب وليس قاتلا، وهذا مجتمعنا الذي يقدس أغلب أفراده علي ابن أبي طالب لم يتأثر لا بهذه الحادثة ولا بغيرها من الحوادث التي تثقف الناس على مراعاة حقوق غيرهم. رسالة علي وصلت للمعترضين على دفاعنا عن القبنجي لكنهم ضربوا بها عرض الحائط، ما يثبت بأن الدين لا يصلح الفاسدين، وأن المؤمنين به ينتقون منه ما ينسجم مع مصالحهم وعواطفهم، ويدوسون بقيته تحت أقدامهم.
الدين لعق على الألسنة، هذا ما قاله الإمام علي قبل أكثر من الف سنة وهذا ما اثبته التاريخ ويثبته الآن من يطالبنا بإهمال القبنجي عقوبة له على اختلافه. مارس القبنجي حقه بالاختلاف وهو حق مكفول دستوريا، وعلى إسلاميي العراق أن يحترموا دينهم - الذي حاول أن يعلمهم تقديس حقوق الناس - ولا يتخذوا من اختلافه ذريعة لتثبيط همم المدافعين عن عراقيته المنتهكة في ايران.
بعض "إسلاميي اليوم" لا يهملون تراث أئمتهم، أمثال الإمام علي، بل ويتشبثون بالتراث الذي تركه طغاة قريش، وإلا ما الفرق بين تعامل أولئك الطغاة مع اختلاف النبي محمد وبين تعامل إسلاميي اليوم مع أي مختلف معهم بالرأي. لقد حاول الإسلام، كما الأديان الأخرى، تخليص البشر من طغيانهم، لكن التاريخ يثبت أن الطغيان أحب إلى الناس من الدين ومقدساته.
جميع التعليقات 2
عدنان الساعدي
استاذ سعدون انا من متابعيك ودائماً أقرأ ما تكتب لكن لي سؤال حيرني لماذا الكل انتفض بالدفاع عن هذا المعتوه الشاذ حتى ممكن جنسياً لكن لم نسمع باحد منكم أو من القنوات التي تدافع الآن عليه بذكر المعتقلين في السعودية أو الاردن أو حتى في ايران غير هذا المفتري
بهاء الموسوي
محبة للزمبل الاعلامي سعدون ضمد المحترم .. واقدر واثمن عاليا موقفه ودعمه ومساندته لاطلاق سراح الاستاذ القبنجي .. الفكر .. فكر ومهما اختلفنا معه ننقاشه بالفكر والمنطق والحوار .. كما قال قرأنكم وجادلهم بالتي هي احسن .. لكنكم لا تملكون عقول صادروها لكم اصحاب