من الغريب جداً أن تلاحق إجراءات اجتثاث البعث عضواً سابقاً في الحزب الشيوعي العراقي المدرس المتقاعد من المهنة والعمل السياسي "أبو زيدون" ، حينما كلفه نجله المقيم في السويد بشراء قطعة ارض في أطراف الكرخ ، وأثناء مراجعته دائرة تسجيل العقار ، لاستكمال معاملة الحصول على قرض صندوق الإسكان ، اصطدم بإجراءات الاجتثاث عندما أخبره المسؤول بأن قطعة الأرض ومساحتها 125 مترا مربعا وزعت بين منتسبي جهاز المخابرات السابق ، وعليه الانتظار لحين وصول التعليمات .
"أبو زيدون" ارتفع لديه ضغط الدم، وسارع بالتوجه إلى طبيبه الخاص في حي البياع رفيقه السابق في الحزب لإنقاذه من التعرض إلى جلطة محتملة وإيجاد علاج سريع للتخلص من ملاحقة الاجتثاث، استغرقت مدة العلاج أكثر من ساعة ، وتخللها حديث عن الأوضاع السياسية ، واستذكار سنوات العمل السياسي منذ مطلع الخمسينات ، يوم كان الرجلان متمسكين بفكرة التوجه نحو إقامة نظام اشتراكي في العراق والإيمان بتحقيقها رغم أنف الإمبريالية ، والعمل على إيصال إنشاء بنية تحتية متطورة من فقراتها كهربة الريف ، ومنح المرأة كامل حقوقها ، والقضاء على الأمية ، والتفاوت الطبقي ، وحديث الرفيقين السابقين تناول أيضا عملهما وسط الفلاحين وكيف واجها صعوبة في تعليمهم النشيد الأممي.
اضطر أبو زيدون إلى مراجعة هيئة المساءلة والعدالة ، وهذا لم يخطر في باله مطلقا ، للحصول على استثناء وكتاب رسمي موجه إلى دائرة العقار لإنجاز معاملته ، والتأكد من وصول قرارات اللجنة السباعية الوزارية بخصوص رفع الحجز عن عقارات منتسبي الأجهزة الأمنية المنحلة إلى الجهات المعنية لغرض المباشرة بتنفيذها.
الرجل أخفى خبر عرقلة معاملته عن شريكة حياته وأبنائه وأحفاده ونجله المقيم في السويد ، لأنه يخشى أن يتعرض للمساءلة والعدالة من قبل زوجته المعترضة أصلا . وبعد عام من الزواج على عمل أبي زيدون السياسي ، لأنها استشرفت تعرضه للسجن والملاحقة من رجال أمن السلطة ، وكانت تعتقد بأن حلم زوجها في إقامة نظام اشتراكي في العراق لن يتحقق ، وهذا ما حصل فعلا ، وكانت من نتائجه إصابة أبي زيدون بأمراض مزمنة.
متابعة الرجل لأخبار اللجنة الوزارية السباعية المختصة بإصدار القرارات والتعليمات والإجراءات المتعلقة بالاجتثاث أثارت انتباه الزوجة ، لأن الأمر لا يعنيه ، فهو لم يكن مؤيدا أو نصيرا أو عضو فرقة أو شعبة ، أو أحد منتسبي الأجهزة الأمنية المنحلة وعندما سألته عن سبب الاهتمام كشف لها السر لعلها تساعده في تخفيف الأعباء من معاناة جديدة لم تكن بالحسبان .
جاء رد الزوجة خارج توقعات أبي زيدون ، لتخليها عن عادتها في لومه في مواقف مماثلة، فأعلنت تضامنها بتوجيه عتابها إلى المسؤولين واللجنة السباعية والخماسية ، والإجراءات الرسمية لفشلها في إنصاف المتضررين ، والدفاع عن حقوقهم ، فارتفع صوت أم زيدون حتى سمعه الجيران "عساكم بالاجتثاث من صغيركم لجبيركم ".
اجتثاث شيوعيّ
[post-views]
نشر في: 23 فبراير, 2013: 08:00 م