TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هل توضأ المالكي بالماء المالح؟

هل توضأ المالكي بالماء المالح؟

نشر في: 23 فبراير, 2013: 08:00 م

من البصرة لا من غيرها، يريد الفريق السياسي والعسكري لرئيس الحكومة نوري المالكي، ان يطلق حملته الانتخابية ويحث الناس على انتخاب الاكفأ. وقد ظننت ان لديه ما يقوله للبصريين، ولجيرانهم من افقر مدن العراق، ولأكثر اهل بلادنا طيبة ومظلومية. لكن الامر جاء كحالة مرضية لم تتلق علاجا طبيعيا، ولا غير طبيعي.

وعلى ذكر هذا العلاج وقبل ان اسأل: هل تذوق المالكي ماء البصريين المالح وهو يتوظأ لصلاة الظهر، وكيف اقنع نفسه بأن اهل البصرة سيقترعون لصالحه مجددا، رغم ان فريقه يحكم المحافظة الاغنى والاهم ويترك اهلها، يتوضأون بالماء المالح، في الميناء الوحيد في العالم الذي لا يمتلك محطة تنقية لماء البحر؟

لقد جربت خلال هذه الايام ولاول مرة في حياتي ما يسمى بالعلاج الطبيعي، وذلك بسبب تشنجات في الرقبة تحصل نتيجة القراءة الكثيرة عبر سنوات طويلة وعادات انحناء خاطئ على الكتاب او الاي باد والحواسيب.

لكن اول تعليق صدر مني في جلسة العلاج الطبيعي، هي انه علاج "غير طبيعي" بالمرة. فالطبيب اللطيف واللبق والماهر في شارع السعدون، مع مساعده الذي يحلم ان يترك هذا النوع من العمل كي يتعمل عزف الغيتار في زمن ما بعد الموسيقى، يعرض يريد ان يعيد رقبتي المتشنجة الى حالها. وراح يحدثني عن ست مراحل خلال كل جلسة علاج. واحدة بكهرباء خفيفة من بطارية. والثانية بأشعة حمراء، والثالثة بأشعة بنفسجية، اما الرابعة فعبر الامواج الصوتية.. وهكذا.. ويقول لي ان هذا علاج طبيعي؟ هل تعقلها يا دكتور، كل هذه الامواج الرباعية والخماسية والكهرومغناطيسية وتقول انه طبيعي؟

المهم انني احاول ان اشعر بالتحسن بعد جلسات ثلاث مريحة، لكني اعود الى القراءة الخاطئة وأحني رقبتي المتشنجة بسبب كل هستيريا السياسة هذه. وقد يخرب علاجي كله بسبب حديث السيد المالكي عن ضرورة ان ينتخب اهل البصرة اشخاصا ناجحين، ويمتنعوا عن انتخاب الفاشلين.

لكن الفشل في البصرة مسجل باسمه وباسم فريقه في ائتلاف دولة القانون، واذا عمل اهل المدينة بنصيحة المالكي فإن عليهم ان ينتخبوا اي مرشح سوى الادارة المحلية التي اعادت سبعمائة مليون دولار امريكي الى خزائن بغداد. اكرر "اعادت سبعمئة مليون دولار امريكي من مخصصات البصرة المالية الى خزائن بغداد" نهاية سنة 2012 المنصرمة.

ان محافظة كركوك التي يقتلها العنف مرتين كل اسبوع، انفقت كل ميزانيتها وكل مخصصات البترودولار العائدة لها، رغم وجود الف حزب عامل في المدينة والف انشقاق قومي وديني ورغم كل دبابات المالكي التي لاتزال واقفة على تخوم طوزخورماتو. بينما البصرة الهادئة امنيا والمستسلمة للسيد المالكي وطريقته في ادارة الدولة، اعادت كل اموالها الى بغداد بلسان اعتذار تحدث عنه المحافظ خلف عبد الصمد حليف المالكي: لا نحن نجحنا في انفاق اموال البصرة، ولا انتم في بغداد سمحتم لنا بالمضي في مشاريع جيدة.

من المؤكد ان السيد المالكي توضأ بماء البصرة المالح في فندق الشيراتون الذي تناول فيه الروبيان والاسماك البحرية باطلالة على الكورنيش ساحرة وفخمة ومهيبة بسفنها الجديدة والقديمة. لكن لا ادري هل سأل نفسه وهو يتحسس طعم الملح اللاذع على وجنتيه الحليقتين وشفتيه اللاهجتين بالدعاء والذكر والاوراد: لماذا فشلنا في كل شيء حتى بتزويد المحافظة بمحطة صينية او كورية لتصفية ماء البحر؟ لماذا لم نضع في صفقة السلاح الروسية بندا يخص محطة لتصفية مياه البحر؟ لماذا لم نشترط على اكبر 7 عمالقة نفط يعملون في البصرة منذ اربع سنوات، ان يصنعوا لنا محطة تحلية هناك تستر عورة الحكومة، مقابل 20 مليار دولار تقبضها الشركات الاجنبية من العراق كما اخبرني بذلك زعيم كبير وخبير مبرأ من الكذب؟

ظل المالكي يتوضأ، وتوضأت معه كل البصرة ظهيرة السبت، بنفس الماء المالح. وحين شعر قبل الصلاة واثناءها بأن مؤيديه هناك ومن يحبه ويحب حزب الدعوة، يحملون عتبا واضحا في عيونهم، لم يجد اي مبرر للتهرب، وراح يقول لهم: ان وضوءكم بالماء المالح، سببه البرلمان الذي يريد اقالتي، والكتل التي تتصارع ولا تتركني اتفرغ لخدمتكم؟

طيب ما هو الحل يا رئيس؟ هل تريدنا ان نقوم بحل البرلمان كي تتفرغ لخدمتنا؟ ام تريدنا ان نقضي على خصومك وشركائك في النجف واربيل والرمادي كي تنفرد لوحدك بالعراق وتقوم بخدمته بشيء جيد؟

طبعا لم يسأله احد كما اسأله انا الان، لكن عيونهم كانت مليئة بعتب قاس، وبتساؤل كبير حول سر استمرار الفشل. وسر اعادة المال لخزائن بغداد حيث يعبث المفسدون كما شاؤوا دون رقيب. وعن سر فشل المحافظ الاول شلتاغ عبود شراد المياحي والثاني خلف عبد الصمد، وكلاهما من حلفاء ابي اسراء، وهما مثل باقي اهل البصرة، يتوضآن بماء مالح في الميناء العالمي الوحيد الذي لا يمتلك محطة تحلية كالتي تمتلكها مقاديشو او صنعاء.

صلاتكم مقبولة يا حاج، ولا تنسانا نحن البصريون، في دعائك بحلول الفرج، وهو فرج نحتاجه جميعا، سواء في كركوك التي لم تحتج دعاء حزب الدعوة ولا دباباتها لكي تنفق كامل الميزانية، او في كل المحافظات التي غرقت بالاوحال والمطر، في لحظة كنت انت تطلب منهم الخروج في مظاهرات مليونية لدعمك، ضد تحالف اربيل نجف او جماعة 19 ايار.. ولم يخرج احد يذكر. هل كنت تتذكر هذا "الخذلان" وانت تشرح للناس كيف عليهم ان يقترعوا هذه المرة؟

سأتوقف عن الكتابة عند هذه النقطة اليوم "كي لا يخرب علاجي غير الطبيعي" لكنك لو نسيت، فإننا لن ننسى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram