كان المخرج الراحل جعفر علي من أهم مخرجي السينما العراقية لما يمتلكه من إمكانات تسبق عصره .. وهو صاحب أول فيلم لمصلحة السينما والمسرح عام 1968 فيلم الجابي الذي مثله باقتدار الفنان الكبير أسعد عبد الرزاق . جعفر علي ينطلق من اعتبار أن الكاميرا صو
كان المخرج الراحل جعفر علي من أهم مخرجي السينما العراقية لما يمتلكه من إمكانات تسبق عصره .. وهو صاحب أول فيلم لمصلحة السينما والمسرح عام 1968 فيلم الجابي الذي مثله باقتدار الفنان الكبير أسعد عبد الرزاق .
جعفر علي ينطلق من اعتبار أن الكاميرا صورة مجازية للعين ، والعين صورة مجازية لرؤية الفنان الكونية والشعرية . هذا الفهم المتقدم للعمل والحياة جعله يتعامل مع السينما في كونها اللغة الأكثر شجاعة وإيصالا لأفكاره في إيصال الحقيقة .
ولأهمية هذا الفنان الكبير أقامت نقابة الفنانين ودائرة السينما والمسرح ندوة استذكارية عن فنه الجميل ودوره المؤثر في المشهد الثقافي العراقي . وقد تحدث فيها مدير عام دائرة السينما والمسرح د. شفيق المهدي وتبعه نقيب الفنانين صباح المندلاوي الذي قال :ـ
استذكرنا اليوم الفنان القدير جعفر علي بمبادرة من نقابة الفنانين بالتعاون مع دائرة السينما والمسرح . جعفر فنان كبير وموسوعي متعدد المواهب والاهتمامات فهو إضافة الى كونه مخرج سينمائي فهو مخرج مسرحي وإداري ناجح ويجيد العزف على البيانو والأوكورديون وأيضا كان رساماً وصاحب نكتة ومعشر حلو .
الفنان محسن العزاوي قال:
- بعد عودتي من جيكوسلفاكيا وانتهاء دراستي عام 1967 سكنت في فندق رخيص في منطقة قرب تمثال الرصافي بمئة وعشرين فلساً. وكان لي اتصالات مع المخرج جعفر علي والكاتب عادل كاظم والفنان نجيب عربو . وعملنا في المسارح الأهلية بعد أن شكلنا فرقة مسرحية. وكان جعفر علي فناناً مثقفاً وواعياً لدور الفن. وثقافته واسعة في السينما والتشكيل والمسرح والموسيقى . كانت أفكاره متطورة في جميع مجالات الفن . وقد عرفته عن قرب خلال تلك الفترة . وقد صدم غير مرة هذا المخرج الكبير في وفاة زوجته وابنته ومعاناته من قضية الكرد الفيلية التي كان مهدداً بالترحيل من العراق بسببها
وقال الفنان عزيز خيون: هو هكذا .. يتحدث عن الطرفة وسرعان ما ينتقل في حديثه الى فضاء المعرفة . جعفر علي المعلم الصديق والمترجم والشاعر والموسيقي والصحفي وعازف البيانو الماهر . مازلنا نذكر تلك الغرفة المعتمة التي كان يضيئها بمعرفته وعلميته وطاقته الخلاقة العراقية .
جعفر علي المعلم .كنت طالباً عنده ولا توجد معرفة بيننا، ومحاضرته كانت تمضي من دون أن نشعر بالوقت.. في يوم ما في الكلية جمعتنا صالة التمرينات في مسرحية من تأليفه وإخراجه .. وكان هناك دور فيه غناء ولم يفلح في تقديمه غير طالب فأشار إليّ قائلاً ( أنت أنت ) هل تستطيع تأديته فقلت أحاول فقدمت دوراً لفلاح وفيه غناء فتعجب جعفر وصفق لي و سألني من أين أنت ؟ فرددت عليه إنا من بغداد والرفاعي والبصرة فخرجنا متعانقين من القاعة وصرنا أصدقاء .
جعفر علي كان فناناً خلاقاً يعرف ما يريد .. وذات مرة قدم عرضه المسرحي في فضاء مشاكس حين قدمها في حصن الأخيضر في كربلاء وكان مكاناً مخيفاً وزارنا آنذاك الجواهري الكبير . ثم عرض نفس التجربة على بحيرة الرزّازة في كربلاء .
ثم تحدثت الفنانة إقبال محمد علي عن علاقتها بالمبدع الكبير الراحل جعفر علي أثناء العمل الفني وأشادت بتجربته في المسرح والسينما . وتذكرت عملها معه في مسرحية حصن الأخيضر وقالت :ـ
- كنت أمزح مع أساتذتي لاسيما أستاذي جعفر علي ... ذات مرة قلت له ( لماذا رباطك غير مكوي .. اعطيني إياه وكان ينزعه من رقبته ويعطيني إياه فأعود به في اليوم التالي نظيفا ومكوياً .. كان فناناً بسيطاً لا يهتم للكثير من الأشياء بسبب تفرغه الكبير لفنه ونشاطه في السينما والمسرح والتدريس .