في الإعلام يسحرنا الصوت العالي، يشدنا الزعيق أكثر من الأصوات الهادئة، وحتى الحكيمة، والسبب يكمن بالناس فهم لا يلتفتون للأشياء المألوفة، ما يجعل الإعلامي موقناً بأنه، وسط زحام الفضائيات، لا يمتلك فرصة دون أن يكون بجعبته ما يشد الناس إليه. الأمر الذي يجعلنا مولعين بالزعيق، ويجعل مجموعة الزاعقين هم أصحاب الحظ الأوفر على الشاشات التي نُطِل من خلالها. فإذا أضفنا إلى هذه الحقيقة حقيقة أخرى تقول؛ إن الساكت غائب وإن حضر، يصبح مفهوماً لدينا كيف أن صاحب الصوت العالي يوهم الآخرين بأن نموذجه هو الأكثر حضوراً وتأثيراً من بين النماذج.
هذا هو بالضبط ما يحدث في تظاهرات الأنبار، وهو الذي أشار إليه السيد رئيس الوزراء، في تصريحه الأخير، وأتمنى أن يكون مؤمناً به وعاملاً وفق اشتراطاته، فقد قال موجهاً خطابه لمجموعة من الزاعقين بالطائفية بين المحتجين، بما معناه؛ أنتم لا تمثلون سنة العراق.
وكانت صولة الفرسان، في وقت سابق، قد كشفت بعض أبعاد هذه الحقيقة حيث كان الاعتقاد سائداً بأن المتشددون يمثلون غالبية في محافظة البصرة وأن الجيش سيواجه مأزق حرب الشوارع التي لا تنتهي، لكن تطورات الأحداث كشفت بأن الصامتين هم الأغلبية الحقيقية، لكننا انخدعنا بصوت المتشددين العالي، وغاب عنا بأن الأغلبية الحقيقية في المجتمع هي أغلبية هادئة وخائفة يغلب على حضورهم صراخ أقلية لا تحسن غير الزعيق وتهديد المختلفين معها بالتصفية.
من الطبيعي أن نخاف من الصوت الطائفي الذي تعالى في الجمعة الأخيرة، ومن الواجب أن نحذر منه ونعمل على مواجهته، لكن من الخطير أن نشترك بالإيهام الذي يتصاعد والذي مفاده أن هذا الصوت هو صوت الأغلبية. ويأخذني العجب عندما أقرأ تعليقات في فيسبوك لمثقفين أخذوا يشتركون بحمى الترويج إلى أن الطائفية هي سمة كل من يشترك في الاحتجاجات. وهذه الحمى تقدم أفضل خدمة لمجموعات؛ القاعدة والبعث ومن لف لفهم، وهي مجموعات تريد أن يشيع المد الطائفي ويغلب حضوره على كل حضور من أجل أن تُنصّب نفسها حامية لأفراد الطائفة كذا من تهديدات الطائفة كيت.
هل يعقل أن هناك من يعتقد بأن أغلب سنة العراق يكرهون شيعته ويحسبونهم على المجوس؟! طيب إذا صح هذا فيجب أن يقابله كره متبادل من أغلب الشيعة بحق السنة، على اعتبار أن هناك دائما صوتا طائفيا تمييزيا شيعيا يعلو بين الحين والآخر.
زعيق الأقلية المريضة
[post-views]
نشر في: 24 فبراير, 2013: 08:00 م
جميع التعليقات 2
زيدان
للاسف مثل هكذا كلام يصدر من مثقف مثلك, لكن يبدو ان تاثير البيئه التي تربيت فيها لا يزال مسيطرا عليك, رغم كل هذه السنين من الدراسه والتعلم والاهم من ذلك سنين الثقافه ومصاحبة المثقفين , يالهي كم يبدو فكرك مريضا وادراكك ضيقا بحيث بعد كل التجارب المره التي عا
شمران الحيران
مهما تعالى الزعيق لايفسد من عزم اصحاب المطلب والقضيه..هذه الاصوات النشاز المنفرده في تغريد الغل والكراهيه هي نتيجه لصناعه حكوميه في ازدياد الضغط على روح المطالب الشعبيه لانتاج رد فعل يسمح للحكومه وضع التبريرات والاتهامات وطبع المظاهرات والاحتجاجات بالطابع