TOP

جريدة المدى > الصفحة الأولى > الرصيد والعيد...وجائزة سعيد

الرصيد والعيد...وجائزة سعيد

نشر في: 26 سبتمبر, 2009: 02:07 ص

يوسف المحمداويrnمنذ زمن بعيد قد لايتذكره وهو يمارس مهنته كعامل بناء، يخرج (سعيد) مع آذان الفجر ويعود قبل أذان المغرب،لايحتاج السؤال عن الساعة،لأن بوصلة عزيمته هي التي تحدد اتجاه عقارب الساعة بكل دقة.rnلم يتذمر من عمله يوما،يكره الشتاء جدا لتضاؤل فرص العمل فيه،وعلى الرغم من ان ارصدة الشتاءات التي تلت التغييرمن الامطارخالية الوفاض تقريبا، لكن موقفه من هذا الفصل لم يتغير.
يحمل مع عدة العمل يوميا ماتجود به قدور زوجته ام سليمة، ليكون له سندا في منتصف نهار العمل، يتذكر بأنه في السابق لم يكن بحاجة الى طعام البيت، فالناس الذين يعمل في بيوتهم سابقا كانوا يجتهدون في تقديم الطعام لجميع العمال، وبواقع وجبتين الاولى وتسمى(تمتوعة)وتقدم مابين وجبتي الفطور والغداء والثانية تقدم بعد الظهروهي وجبة دسمة لاتختلف مفردات سفرتها عن الوليمة،لكن للايام دورتها في تغيير الكثير من سلوكيات الناس.rnالمال لم يكن جزءا من حياته أبدا،وانعكس هذا الامر حتى على عائلته التي يردد دائما امامها مقولته: (القناعة تغري الرزق بالمجيء).rnحلول شهر رمضان لم يمنع (سعيد) من العمل لانه على قناعة تامة، بأن الاجر في هذا الشهرعلى قدرالمشقة، فضلا عن كون مجيء العيد يحمله مسؤولية مالية كبيرة يجب ان يستعد لها من الان،وعلى الرغم من سماعه خبرا يفيد بان الحكومة ستمنح مبلغا قدره 100 الف دينارلكل عائلة،لكن وعودها في قناعة سعيد لن  تتحقق،لانشغال الحكومة باموراكثر اهمية، ومازاد شكه ،تصريحات بعض البرلمانيين التي اكدت ان مسألة الصرف تتوقف على وجود غطاء مالي لها في الموازنة،علما ان الغطاء المالي لم يقف عائقا امام سخاء البرلمان في تقديم الهبات المادية لغزة او للصومال!.rnوذات يوم رمضاني وبعدالفطور مباشرة،جاءته عدة رسائل من شركة زين للاتصالات،مفادها الرد على بعض الاسئلة من خلال الرقم(6999) ليحصل على مبلغ قدره(2000) دولار،وكانت سهولة الاسئلة الحافزالاول لإغراء سعيد بالردعليها ، استمر بالاجابة من غير علم زوجته خشية ان تحاسبه على فناء الرصيد،لاسيما وانهم يقتصدون في المصروف استعدادا لعيد الفطر.rnلم يتبق لديه سوى 38سنتا،وهي غير كافية لاجابة واحدة لكونها تكلف دولارا واحدا عن كل رسالة،ومع ذلك خالجه شعور بانه سيحصل على الـ (2000) دولار.rnكانت الساعة قد تجاوزت الواحدة ليلا حين سمع هاتفه يردد مقطوعة (جتك رسالة)،هب من فراشه قائما بلهفة حارة تبحث عن ثلج ،ليرى فرحة العمر في رسالة قرأها ولكن لم يصدق ماجاء فيها،قام بإيقاظ الجميع..زوجته..الاولاد...صاح بهم- اقراوا الرسالة.رد عليه ولده سلمان وهو يفتح عيونه من النوم عنوة-أية رسالة؟.rn- الرسالة التي في التلفون ياسلمان.قام ولده بقراءة المصدرhurry ونص الرسالة (مبروك فزت بصك رقم 0852369وقدره(35000)الف دولار،اتصل بالرقم (00423662211669).rn- لم اكن احلم...صاح  سعيد بأعلى صوته، فقد رصانته التي يتصف بها امام العائلة،رقص كالاطفال،ضحك ولده عمار وهويرى سعيد الذي لايبتسم بهذه الصورة.قاطعت ام سليمة الجميع متسائلة- الـ (35000) دولار كم تساوي.ردعليها عمار- اقل بـ (5000) دولار من الراتب التقاعدي لرئيس البرلمان.ردت بعصبية- كم يساوي بالعراقي يا عمار.؟ رد عليها قائلا- المبلغ يتجاوزالـ (40)مليون دينارعراقي، صاحت بفرح_يارحمة الله الواسعة، ثم استدركت متسائلة- المرتب التقاعدي لرئيس البرلمان في الشهر ام في السنة..؟.rnاتصل سلمان بالرقم لكن الجواب اتاه بعدم كفاية الرصيد لإجراء تلك المكالمة.rnظل سعيد يعيش في دوامة من القلق وهو يحاول جاهدا التأكد من هذه الرسالة التي قلبت اوضاعه رأسا على عقب.rnالساعة تشير الى الثانية بعد منتصف الليل،المحال مغلقة،واسئلة الشك واليقين لاتعد،ولم يجن منها سوى الانتظار.rn- اتصلوا بابنتي سليمة، قالها سعيد عسى ان تبعث لنا بدولارين وساعوضها حين استلام الصك،وبالفعل قاموا بالاتصال بها،ولكنها بالاضافة الى عدم توفر الرصيد،اصيبت بحالة من الذعروالخوف حين اتصلوا بها في تلك الساعة المتاخرة من الليل.اخذ الوقت يمر سريعا وسعيد جالس في دائرة استثمارالمبلغ الموعود.rnقالت زوجته: سنشتري لنا دارا ونغادر الايجارالى الابد.رد سلمان متهكما: لاتوجد دارفي بغداد بمثل هذا المبلغ الا اذا كانت(محوسمة)!.قال سعيد: ساترك العمل في بناء الدور،وساقوم حال استلامي المبلغ بشراء سيارتين نوع(كيا)، واحدة لي والاخرى لسلمان.rnسأل سعيد اولاده وهو يسمع طبل المسحراتية- هل تعرفونهم؟قال سلمان: لماذا..؟.rnرد سعيد قائلا: عسى ان تقترضوا منهم دولارا او دولارين،وساعوضهم في الصباح،رد الاولاد بعدم معرفتهم بالمسحراتية. ألغي آخر امل عند سعيد بالاتصال بالرقم المطلوب، ليدخل ويخرج في عدة مشاريع،ظل جالسا حتى الساعة السادسة صباحا،خرج الى الشارع،رأى احد اصحاب المحال يفتح متجره،هرع إليه وقلبه يهرول قبل خطاه،وبالفعل حصل على مايريد وعاد مسرعا الى البيت،اوصد الباب واعطى سلمان الهاتف وبطاقة التعبئة، واخيرا يستطيع الاتصال،اتصل سلمان، وسعيد والعائلة يترقبون المشهدبوجوم وقلق،فجاء الرد: نأسف الرقم المطلوب غير داخل في الخدمة حاليا.حاول مرة اخرى..كان سعيد يصيح بولده..واخرى تتبع اخرى ولكن بلاجدوى...الجواب نفس الجواب.rnقال سعيد: يمكن الشركة تبدأ الدوام في ال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

دولة القانون ينفي السعي لتشكيل حلف مع إيران وروسيا

دولة القانون ينفي السعي لتشكيل حلف مع إيران وروسيا

 بغداد/ وائل نعمة فيما ينتظر الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد عودة رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي من موسكو لزيارة بغداد، ينفي ائتلاف دولة القانون أن تكون زيارة المالكي إلى العاصمة الروسية والزيارة المرتقبة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram