TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بعيد اللبن عن وجه مرزوك

بعيد اللبن عن وجه مرزوك

نشر في: 26 فبراير, 2013: 08:00 م

من بين أهم أسباب تأزّم الوضع العراقي وانحداره إلى هذا المستوى الخطير هو ان الحكومة ضيعت فرصة تحقيق "المصالحة الوطنية". تلك الفرصة التي لو أُجيد استغلالها قبل سنوات، لما فاح اليوم بين المتظاهرين السنة والحكومة "عطر مَنشِم".

إنجاح المصالحة، وطنية كانت أو عشائرية أو عائلية، يحتاج إلى عقلاء يسمونهم "محضر الخير". مهمتهم الأولى أن يقفوا بين طرفين متحاربين، او على وشك، ليخمدوا نار الفتنة. ويزخر تراثنا الشعبي بحكايات وأحداث أسهم أبطالها في إطفاء الكثير من الحرائق التي اشتعلت بين العشائر. هؤلاء الأبطال لم يتبوأوا مكانتهم بالصدفة بل لمواصفات خاصة يمتلكونها. ولو سألنا العارفين عمن يستحق تلك المهمة لقالوا لنا، إنهم من أصحاب الضمائر المشهود لهم بالعدل. ومن لهم سجل حافل بالنجاحات في حل الصراعات. يتصفون بالذكاء وسعة الإطلاع ووسامة المحيّا واللباقة بالكلام (حجاي). وأهم شرط أن لا يكون من أبناء أي من العشيرتين المتنازعتين حتى لا يحوش النار لقرصه. ما كانت الأمم المتحدة لتختاره الأخضر الإبراهيمي وسيطا لحل المعضلة السورية، لو لم يكن قد نجح من قبل في حل كثير من العقد والمعضلات وبينها اختطاف الطائرات. وما كان له ان ينجح لو انه يجامل الأسد لأنه يحبه، ويكيل التهم للمعارضة لأنه يبغضها.

استذكرت هذا وأنا أتابع لقاء متلفزا لمستشار المالكي للمصالحة الوطنية السيد عامر الخزاعي. شاهدته، فلم أميّز به الصفات التي تؤهله للقيام بدور المُصالح. ما الذي يميز عامر الخزاعي حتى يختاره المالكي مستشارا للمصالحة الوطنية؟

الحرب الطائفية، التي نخاف حدوثها اليوم، سببها الرئيس هو حكومة تعترف بمطالب المتظاهرين السنة لكنها ابرد من (...) السقّا في استجابتها لتلك المطالب. الحكومة يرأسها حزب الدعوة، والحاج الخزاعي عضو بهذا الحزب. فهل يجوز ان يكون مصلحا بين خصمين من كان هو الخصم والحكم؟

هل للرجل سجل حافل بحل النزاعات من قبل ولا نعرف؟ وهل يمتلك "مقبولية"، بحسب تعبير الإسلاميين، عند الطرفين؟ الخزاعي يبتسم لطرف المالكي ويقود له مظاهراته المضادة بينما يحدّ أسنانه بوجه الطرف الأخر.

للحق أقول إنني استنتجت من طريقة كلامه ورؤيته لما يدور بالعراق انه، مع احترامي له كشخص، يصلح أن يكون مستشارا، أو وزيرا، "للمناطحة" وليس "للمصالحة".

وان ظل الأمر بيد الخزاعي ليصلح ذات البين فاسمحوا لي أن أقول لكم بيأس شديد: بعيد اللبن عن وجه مرزوك.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram